حياد الكاظمي الإيجابي.. بوابة العبور لمرحلة (حكومة التوطيد المرتقبة)

بغداد- العراق اليوم:

 نجح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في ان يُخرج الحكومة التي يقودها من سجال الاحزاب والقوى السياسية النيابية، ونجح في ابعادها عن تجاذبات إقليمية مؤذية، ولا يزال يحافظ على مسافة امان جيدة بين كل الفرقاء السياسيين، ولا يزال موضع ثقة الجميع، بأداء متوازن، ونزوع نحو الحلول، وتجنب الصِدامات والتأزيم، وكاريزما غير منفعلة، بل فاعلة في المشهد السياسي.

كل هذا العمل الذي يقوده الكاظمي، يريد منه منع الانزلاقات والانكسارات الحادة في المشهد الذي لم يعد يقوى على تحمل ويلات التصادم العنيف، ولم يعد الفضاء يتسع لهذا الشحن الذي لا يزال في ذروته القصوى.

اهم ما فعله الكاظمي هو تحييد العمل الحكومي عن مؤثرات ونوابض الفعل السياسي الحاد أحياناً، والجارح أحياناً اخرى، فأنت كمواطن عراقي او كمتابع لا تستطيع أن تضع الحكومة العراقية الحالية في اية خانة، فلا هي تيارية، ولا هي أطارية، ولا هي من تلك الجبهة، ولا تنحاز لذلك التكتل، وهذا جنب مؤسسات الدولة لاسيما الأمنية والعسكرية منها حالة الشد والجذب التي كانت تمر ثقيلة وعاصفة في تجارب سابقة.

ما يمكن الخروج منه من خلال هذا العرض السريع، ان ثمة حياد إيجابي، يمارسه الكاظمي، دون ان يكون خارج المشهدية بتفاصيلها حتى الدقيقة، لكن دون انحشار تأزيمي، ولا اندفاع استقطابي ينشأ عنه فعل مؤذِ لبنية الدولة ومؤسساتها.

ان مسافة الكاظمي من جميع القوى السياسية الفاعلة، وقربه منها او بعده عنها، يحدده منهج الرجل الذي اختطه لقيادة حكومة ظلت على كل المقاييس ناجحة، وسجلت لنفسها انجازات، ليس اقلها تجنيب البلاد ويلات التداعي الاقتصادي الذي ضرب اكبر اقتصادات المنطقة، محيلاً اياها الى ركام، وما تجربة تركيا المجاورة الا شاهد بسيط جداً.

لذا فأن ثمة اتفاق معلن او غير معلن على الدفع باتجاه تثبيت منهج الكاظمي وحكومته، هو ما تبانت عليه اغلب القوى السياسية، لاسيما في التحالف الثلاثي الذي قد يكون رافعة العملية السياسية برمتها، وقد يكون حاملاً لمشروعها التغييري الشامل الذي سنجده في برنامج حكومة الكاظمي الثانية التي ستكون مختلفة جداً عن الحالية، بلحاظ الظروف الموضوعية التي تتوفر الآن، وايضاً الرغبة في توطيد الاستقرار بعد ان نجحت حكومة الكاظمي الحالية في بنائه بصعوبة بالغة، وتحملت فاتورة قاسية .

 

علق هنا