رفع الحظر عن الطيران، ومرتبية الجواز العراقي، وموقف الكاظمي !

بغداد- العراق اليوم:

فالح حسون الدراجي

افتتاحية جريدة الحقيقة

لا شك أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قد نجح في إقامة شبكة من العلاقات الطيبة بل والممتازة مع الزعماء العرب، وقادة دول المحيط الاقليمي، وكذلك زعماء الدول الكبرى، وقد اشتغل الرجل على حياكة هذه الشبكة بعناية وتأنٍ وصبر، مذ أن كان رئيساً لجهاز المخابرات العراقي، وقد أثمرت هذه العلاقات نتائج كبيرة، أفرزت بطبيعة الحال وضعاً ودياً وتصالحياً مهماً، ليس في مصلحة الأمن والسلام الاجتماعي في العراق فحسب، إنما في عموم المنطقة أيضاً، ولعل الدور  العراقي الواضح في ترطيب وتحسين العلاقة بين ايران والسعودية، بات حقيقة معروفة للجميع، وما كان لهذا الدور أن ينجح ويثمر في التقارب بين الرياض وطهران لو لم يقف الكاظمي خلفه، ويعد المسرح التفاوضي بنفسه.

لذا، فإن هذه الشبكة من العلاقات الواسعة والطيبة التي يملكها الكاظمي مع زعماء العالم، مطلوب توظيفها الان بشكل سريع  في عدة موضوعات مهمة وعاجلة، ومن بين هذه الموضوعات، رفع الحظر عن الطيران، وفتح الأجواء العالمية شبه المغلقة بوجه الطيران العراقي، ودعم جواز السفر العراقي بما يحتاجه من نقاط التدعيم والقوة، ليأخذ استحقاقه الاعتباري، فالعراق شعباً وقيمة وتاريخاً واقتصاداً  لا يستحق جواز سفره هذه الدرجة المتدنية من المستوى في التعامل.

ومسؤولية الكاظمي هنا - سواءً كرئيس حكومة، او كمواطن عراقي غيور - تقتضي منه التحرك، وقبل ذلك توجب عليه رفض هذا الواقع المخجل، فالعراق ليس كالصومال مثلاً، ليتساوى الحال بينهما!

 فالكاظمي بما له من وجه مقبول لدى الكثير من زعماء العالم، وبما يحظى به من تقدير بين الحكومات في الشرق والغرب، مطالب بالتحرك السريع والفاعل لفتح الأبواب امام الطيران العراقي ورفع الحظر عنه، ومحاصرة الأعداء الذين يحاولون إفشال أي تحرك عراقي في هذا الإتجاه، وهم الذين يسعون بنشاط لادامة الزخم السلبي، وتفعيل الصورة غير الحسنة عن الطيران العراقي والأجواء العراقية المرسومة والراسخة - للأسف - في أذهان الكثير من مسؤولي منظمات ومؤسسات الطيران في العالم، لا سيما من جهة الإدعاء بعدم التزام سلطات الطيران العراقية، وكذلك الخطوط الجوية العراقية، بشروط وتعليمات الطيران العالمية، فضلاً عن استخدام ورقة العامل الأمني التي باتت ورقة متهرئة من كثرة استخدامها ضد العراق.. خاصة وأن بعض مطلقي الصواريخ على مطار بغداد بين حين وآخر، يضعون الحجة من حيث يعلمون أو لا يعلمون في يد هذه المنظمات والمؤسسات العالمية!

وأمس، قرأت أنباء كانت سلطة الطيران المدني العراقي قد أعلنتها، عن تحرك حكومي لرفع الحظر عن الطيران العراقي.

حيث قال المتحدث باسم سلطة الطيران، جهاد كاظم إن "العمل جارٍ على قدم وساق لرفع الحظر عن الطيران العراقي والمطارات من قبل المنظمة الدولية للطيران المدني الدولي، عبر لجنة خاصة من سلطة الطيران برئاسة رئيس السلطة والاقسام المختصة بموضوع امن الطيران والسلامة الجوية".

وأضاف، أن "استهداف المطارات العراقية بالصواريخ يؤثر على رفع الحظر".

لقد أسعدني هذا التحرك من قبل مسؤولي الطيران، وإن كان متأخراً، لكنه حتماً أفضل من أن لا يكون..

لكني، وبصراحة أقول: إن هذا التحرك سيكون منقوصاً، بل وبدون جدوى، فالعالم سواء كان غربياً او شرقياً لن يستجيب لنا بالمناشدات والخطابات الودية دون أن نوفر مستلزمات الامن الأرضي، والسلامة الجوية، وإسقاط كل ذرائع وحجج الآخر التي تبرز في كل مناقشة لرفع الحظر عن الطيران، أو رفع الحظر عن الملاعب العراقية، او ما شابههما من قيود.

وطبعاً، فإن العالم يخشى على طائراته، وطواقمها، ويخشى أكثر على مسافريه، ومطاراته أيضاً، خاصة وهو يرى ويسمع الكثير عن عدم التزام سلطات الطيران في العراق بشروط الأمن والسلامة والصحة لا سيما الإجراءات المتعلقة بجائحة كورونا، وطبعاً فإن الكلام الحلو الذي نلقيه لوحده لا يكفي لإقناع مؤسسات الطيران العالمية لكي ترسل طائراتها الى الأجواء العراقية، أو لتستقبل طائرات الخطوط العراقية في مطاراتها، إنما يتوجب علينا أولاً، توفير الشروط والبيئة الصحية والامنية الملائمة تماماً.

وهنا أعود الى دور السيد الكاظمي.. فالعراق - إن نجح في توفير كل الشروط والالتزامات المطلوبة في الطيران- فهو لن ينجح في رفع الحظر عن طيرانه، ما لم يتحرك الكاظمي شخصياً، قبل أن تتحرك سلطة الطيران العراقي، او ليكن تحركاً متناسقاً بين الطرفين، فرئيس الوزراء لن ينجح في تدخلاته ما لم تنفذ سلطات الطيران العراقي كل ما مطلوب منها دولياً، وبالمقابل، فإن الحظر لن يرفع مهما وفر العراق من شروط امنية وصحية، في ظل المناخ التشكيكي السائد بين بيئة الطيران العراقي، ومنظمات ومؤسسات الطيران في العالم، ما لم يتدخل الكاظمي، عبر استثمار  علاقاته الطيبة بأغلب الزعماء العرب وقادة الدول الاقليمية، ورؤساء امريكا وفرنسا والمانيا وغيرهم.

وقطعاً، فإن النجاح سيكون مضموناً حين يكون التحرك السياسي والفني المهني متناسقاً ومتوازياً.

ساعتها، سأراهن على النجاح ولن أخسر قطعاً !

علق هنا