سعدون جابر... جحود مزمن ..!!

بغداد- العراق اليوم:

طالب الجليلي

يا طيور الطايره ... اغنية عرفت المستمع على المطرب سعدون جابر في بداية السبعينات ..! كان العالم متهيئا لمؤتمر الشباب العالمي في برلين الشرقية .. أعطى الملحن الشيوعي المعروف كوكب حمزه هذه الاغنية التي كتب كلماتها الشاعر الشيوعي الرائع زهيرالدجيلي ، الى سعدون جابر ليحلق بها مع تلك الطيور عاليا مع المد الشبابي اليساري إبان قيام الجبهة الوطنية !! ... سعدون جابر ، المطرب الذي لم يكن صوته مميزا ولم تك حنجرته تطلق سوى طبقة واحدة عالية ومختتقة ومخدشة للسمع ، انطلق ليقف عنوة الى جانب  حسين نعمه و حميد منصور وغيرهم من عمالقة الغناء العراقي انذاك ، مسخرا ذكائه المفرط واجادته اغتنام الفرص وركوب الموج مهما كانت هويته ونوعه !! راح يصطاد بحذاقته المعروفة الكلمات الجيدة ومصدرها وشعبيتها .. !! اختار إشعار ( عريان السيد خلف) وأبو سرحان وناظم السماوي وفالح حسون الدراجي والتصق ايم التصاق بكوكب حمزه وكريم العراقي ، وكلهم كانوا شيوعيين !! فعاد وغنى ( الكنطره ابعيده ) و ( كوم سويلي جاره) وغيرها .. فحلق عاليا في سماء الشهرة وتجاوز معاصريه من المطربين ليس بشيء سوى ذكاءه وحسن  اغتنامه الفرص والظروف ....!!

وفي الثمانينات ...! حيث الحرب العراقية الإيرانية وتغير المناخ السياسي في العراق على اثر انفراط الجبهة الوطنية وتشتت الشعراء والملحنين اليساريين أمثال كوكب حمزه وكمال السيد وانزواء الشعراء اليساريين وهم مطاردين من السلطة .. اتجه ( بذكائه) سعدون نحو مدينة العماره حيث  صالون ( اجاجا ) في شارع المعارف ... هنا مد سعدون جسرا بينه وبين شاعر العماره الرقيق (سعدون قاسم )وملحنها المبدع ( كاظم فندي) .. اخذ من هذا الثنائي الرائع  اجمل اغان سعدون جابر في الثمانينات... !! واذكر منها : هوا العالي ، ابشيره ، جتني الصبح ، يا حسافة عمري بيك، وفينا وما وفو ، ياسكينه، بويه محمد ....الى غيرها من الأغاني الجميلة التي عاد سعدون جابر ليحلق عاليا بها مع طيور العماره واهوارها ..!! اذكر ان الشاعر سعدون قاسم جائني يوما مرتبكا وهو يرجو ان أمنحه اجازة مرضية ليومين سابقين !! وكان ذلك يمكن ان يعرضني للمسائلة !! قال لُي موضحا : لقد اتصل بي سعدون جابر يطلبني فورا مستصحبا قصيدة اكتبها لكي يغنيها في حفل زفاف نجل وزير الدفاع السعودي ، كهدية له من الفريق عدنان خير الله طلفاح !! ضحكت وقتها وقلت ممازحا : وسوف تكون هديتك عالية هذه المرة من ( طويل العمر!!) .. اجاب سعدون بحسرة وهو يهز كتفه يائسا : وهل تتوقع يطّلع من سعدون جابر شيئا ؟! .. كنت اعرف جيدا ان سعدون جابر مع كل الثروة التي كان يجنيها بفضل الشاعر والملحن ، لا يعطيهما ما يستحقون من حقوق متعارف عليها في مجال الفن .. لكن كاظم فندي وسعدون قاسم ظلا يحتفظان بعلاقة ود وصداقة مع سعدون جابر انطلاقا من تلك الطيبة والعفوية التي يتسم بها مجتمع مدينة العماره ، مدينة الماء والسماء والصفاء ..!!

لقد استفزني ذلك اللقاء مع سعدون جابر من على قناة النيل الثقافية المصرية .. استفزني كثيرا وهو يمر على اسماء الملحنين والشعراء الذين وقفوا وراء أغانيه التي غناها في مسيرته الغنائية ..!!

لقد ذكر كوكب حمزه وطالب القرغللي و ( بليغ حمدي !!!!!؟؟؟) ....

ولم يشير ( اطلاقا) الى الشاعر ( سعدون قاسم) ولم يذكر الملحن ( كاظم فندي) على الإطلاق ...!!!!

فأي جحود  هذا ...!!!؟؟؟

٩ ك١ ٢٠١٥

علق هنا