بغداد- العراق اليوم: يتجه التجار الكبار وحتى أصحاب التجزئة منهم نحو الدولار والعزوف عن الدينار لتجاوز أي تقلبات حادة أو إنهيار مشابه حصل في دول مجاورية وبالمنطقة مثل ايران وتركيا ولبنان قد يتسبب خسائر فادحة لهم. وتسببت هذه المخاوف من دفع دفع المواطنين إلى الإسراع بالتخلص من العملة المحلية التي بحوزتهم واستبدالها بالدولار، فضلا عن حصر عمليات البيع والشراء بالعملة الصعبة من قبل بعض أصحاب الشركات ومعارض السيارات وبعض المصالح التي ترتبط تعاملاتها بالدولار، خوفا من انهيار مفاجئ للدينار أمام الدولار. كما توجهت الشركات التي تتعامل بالقروض والديون والتعاملات آجلة الدفع بجعل الدولار صيغة تعامل ثابتة لهم بدلا من الدينار. وأوضح خبير اقتصادي، سبب لجوء السوق المحلية أحياناً بالتعامل بعملة الدولار حصراً دون الدينار العراقي. وقال باسم جميل أنطوان لوكالة {الفرات نيوز} :"هذا التعامل لا يعني إنهياراً وخروج الدينار من التعاملات اليومية فلازالت الغالبية من الناس تتعامل بالدينار العراقي وتعتبره أساس العملة لكن ارتفاع أسعار السلع والتضخم النقدي أصبحت هناك سهولة في البيع والشراء في الدولار وهي ليست جديدة وقد مضى عليها أكثر من 20 سنة". وبين ان "الاقتصاد العراقي غير انتاجي واستهلاكي والاستيرادات جميعها تعتمد على الدولار فيكون التعامل به أسهل من التجارة بالدينار الذي قد يتعرض إلى خسارة او تفاوت". وأكد جميل، ان "الدينار العراقي لازال قوياً وقوة الاقتصاد العراقي لاتكمن بالورق ويبقى هو واجهة" منوها الى ان "هذه المبالغات ليس لها مبرر بشكل كبير وهناك تحول بعض الناس وللأسف الشائعات تلعب دوراً ولازال الدينار العراقي موقع مثيل". ويقول تجار، ان "تزايد إقبال الناس على شراء الدولار يعود لسببين، السبب الأول بهدف التعاملات اليومية لبعض أصحاب المصالح لغرض التجارة وعمليات البيع والشراء التي بدأت تفرض التعامل بالدولار، والسبب الثاني هدفه اقتناء الدولار من قبل المواطنين تحسباً لأي انهيار أو طارئ اقتصادي يشهده العراق مستقبلا". وكان مجلس الوزراء قد أعلن في 19 كانون الأول 2020 عن رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 دينارا بدلا من 1200 دينار للدولار الواحد، بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط، لتشهد على أثر ذلك السوق العراقية ارتفاعا كبيرا في السوق المحلية ما أثار موجة استياء شديدة بين الأوساط الشعبية وبعض الكتل السياسية فضلاً عن اعتراضات بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي. وعزا البنك المركزي العراقي أسباب تخفيض الدينار آنذاك إلى ما وصفه بالتشوهات الهيكلية في الاقتصاد العراقي التي أفقرت المالية العامة وقيدّت قدرة الإصلاح التي تسعى إليها الحكومة ووزارة المالية. وتسبب تخفيض الدينار في صدمة كبيرة للشارع العراقي الذي لم يكن يتوقع خطوة كهذه، لا سيما أنها أتت في ذروة انتشار جائحة كورونا التي تسببت في توقف الأعمال وتعطيل الدراسة وغلق الأسواق وحظر التجوال الصحي، فضلا عما تسببت به من انهيار في أسعار النفط الذي يعتمد العراق على مبيعاته لرفد الموازنة العامة بما نسبته 95%. وعن هذه المخاوف طمأنت الحكومة المواطنين وأعربت عن ثقتها بالدينار. وأستبعد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، حصول إنهيار للعملة المحلية {الدينار العراقي}" وقال للفرات نيوز :"لا يحصل إنهيار للعملة المحلية والدينار العراقي قوي وتغطيه احتياطات أجنبية جيدة". ولفت الى ان "السياسة النقدية تتعاطى بالدولار، واللجوء لنظام العملتين {المحلية والأجنبية في التجارة} بسببين لوجود تحوطات بالتعامل مع العملة الأجنبية واستقرارها وكذلك استقرار التعاملات بها أيضاً". وعزز رأي صالح مصدر حكومي وأستبعد إنهيار العملة المحلية للعراق كما حصل لليرة التركية مؤخراً والتومان الإيراني، وذلك بسبب "اختلاف السياسة النقدية من بلد لآخر". وأضاف المصدر أن "انهيار العملات المحلية لعدد من الدول العربية والإقليمية المحيطة بالعراق سيكون لها تأثير كبير على عمليات التبادل التجاري مع هذه البلدان". وأقر بان حصر التعامل المالي من قبل بعض أصحاب المصالح بالعملة الصعبة سيكون له تأثير نسبي على الاقتصاد العراقي والسوق العراقية، لكون سياسة العراق الاقتصادية تعتمد على النفط الذي ما تزال قيمته في الأسواق العالمية تتراوح بين 75 و80 دولارا للبرميل. وعن إيجابيات تخفيض قيمة العملة، يؤكد المستشار مظهر محمد صالح أن الفوائد المتحققة من تخفيض قيمة العملة العراقية كبيرة ولا يمكن التفريط بها، وأن الحديث عن العودة لسعر الصرف القديم بات من الماضي. ويضيف في تصريح صحفي أن تغيير سعر الصرف أعطى قوة لكثير من المفاصل الاقتصادية للبلاد، وهو ما يتسق مع تصريحات البنك المركزي التي أكدت أن رفع سعر الصرف أدى إلى زيادة تنافسية المنتج المحلي، فضلا عن تخفيض ضغط النفقات على وزارة المالية بنسبة 23% وهو ما مكّن وزارة المالية من تجاوز الأزمة الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عالميا خلال 2020 والأشهر الأولى من 2021. فيما أوضح الخبير الاقتصادي همام الشماع في تصريح صحفي أن تغيير سعر الصرف فيه إيجابيات للحكومة وسلبيات أكبر على الشعب العراقي، مبينا أن الحكومة استفادت من تخفيض العملة في تعزيز ميزانيتها المالية من خلال توفير ما قيمته 23% من رواتب الموظفين الذين يتقاضون رواتب من الحكومة مثل المتقاعدين والأجراء اليوميين. وعن كيفية ذلك، أوضح أن رواتب الموظفين العراقيين تصرف بالدينار، في حين أن واردات الدولة من النفط بالدولار، وبالتالي، وبدل أن تخفض الدولة رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين واحتمال مواجهتها ردة شعبية، ارتأت تخفيض قيمة العملة، بما مكنها من تجنب ردة الفعل التي كانت ستحصل رغم أن النتيجة واحدة في كلتا الحالين. وأعلنت الحكومة عن ارتفاع حجم الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، بعد تغيير سعر الصرف الذي أدى إلى زيادة حجم الاحتياطي بما يقدر بـ15 مليار دولار ليصل إلى قرابة 65 مليار دولار. وحدد خبراء تضرر العراقيين في 3 نقاط، أولها تراجع قيمة إيرادات الشعب العراقي في القطاعين العام والخاص بنسبة 23%، إضافة إلى فقدان العراقيين الثقة بالحكومة بما انعكس على ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة أكبر بكثير من تغيير سعر الصرف. وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي على الفريجي، إن "السوق العراقية تعتمد بشكل كبير جدا على البضائع المستوردة، خصوصاً من تركيا وإيران، ونتيجة لذلك فإن أي انهيار اقتصادي في الدول المصدرة إلى العراق سيؤثر بشكل أو بآخر بسبب سياسة الدولة الخاطئة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية التي يتعرض إليها العراق".
*
اضافة التعليق