هل تبني جماعة "تكتيكل" تنظيماً جديداً بعد القضاء على داعش في العراق ؟

بغداد- العراق اليوم:

 

كتب الباحث في شؤون الشرق الأوسط وأوراسيا راو كومار والصحافي الكندي كريستيان بوريز والباحث إيريك وودز في مجلة فورين بوليسي، تقريراً عن مجموعة من المقاتلين النخبة المتحدرين من الاتحاد السوفياتي السابق الذين يتولون تدريب إرهابيين  في سوريا على نسق شركة بلاكووتر التي كانت تدرب متعاقدين لصالح القوات الأمريكية في العراق، لافتين إلى أن هذا النموذج قد يتعمم حول العالم.

 ويقول التقرير إنه يمكن مشاهدة هؤلاء مدججين بالسلاح وهم يقتحمون مباني، أو يعطون دروساً تكتيكية على ألواح خشبية. وعلى رغم أن الفيديوات المنشورة على موقع يوتيوب مكتوبة بالروسية، فإن موسيقاها الخلفية هي نشيد تستخدمه عادة الجماعات المتطرفة في أفلامها الدعائية. لكن هؤلاء الرجال ليسوا جهاديين عاديين. بل هم جزء من "ملحمة تكتيكل"، وهي أول شركة استشارات ومقاولات عسكرية خاصة بالجهاديين في العالم.

ترويج عبر الإنترنت

وليست "ملحمة تكتيكل" شركة عسكرية عملاقة على غرار بلاكووتر السيئة السمعة (التي تعرف اليوم باسم أكاديمي). بل إنها تتألف من عشرة مقاتلين مدربين تدريباً جيداً من أوزبكستان ومن الجمهوريات غير المستقرة ذات الغالبيات المسلمة في القوقاز الروسي.

 لكن العدد ليس كل شيء في مجال الاستشارات العسكريةـ لا سيما في حقل وسائل التواصل الإجتماعي. وتروج "ملحمة" لمعاركها عبر برامج على الإنترنت.

وبدأ التسويق يعطي ثماره: فالبراعة في القتال وبرامج التدريب ذائعة الصيت في أوساط الإرهابيين  في سوريا وفي أوساط المعجبين بهم في أنحاء أخرى من العالم.

وركزت الشركة خدماتها حتى الآن على إطاحة نظام بشار الأسد وإقامة حكومة دينية  متشددة خلفاً له.

القائد الأوزبكي

وقائد المجموعة في الرابعة والعشرين من أوزبكستان يطلق على نفسه اسم أبو رفيق. ولا يعرف عنه الكثير سوى تنقله عبر وسائل التواصل الإجتماعي بسرعة مستخدماً أسماء مفبركة ومعلومات خاطئة لتضليل الرقابة.

 وفي كل فيديو وصورة تنشر على الإنترنت، يرتدي أبو رفيق وشاحاً أو قناعاً لتغطية وجهه من الأنف فنزولاً، ولا يظهر منه سوى عينيه السوداويين الضيقتين وأحياناً بعض شعره الأسود الداكن. وهو يتحدث الروسية بطلاقة مع لهجة أوزبكية خفيفة.

 

ومنذ إطلاقها في مايو (أيار) 2016، تطورت "ملحمة" عبر تنفيذ أعمال في سوريا، إذ أجرت تعاقدات للقتال، ووفرت تدريبات واستشارات قتالية أخرى، إلى جانب جماعات مثل جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) المرتبطة بتنظيم القاعدة والحزب التركستاني الإسلامي، وهو مجموعة من الإيغور المتشددين من إقليم شينجيانغ الصيني.

وعلى رغم النكسات التي مني بها الثوار في سوريا في الأونة الأخيرة وبينها خسارة مدينة حلب، فإن الطلب على خدمات "ملحمة التكتيكية" أقوى من أي يوم مضى وفق ما قال أبو رفيق للفورين بوليسي في مقابلة أجريت معه عبر تطبيق تيليغرام.

 

الصين وميانمار والقوقاز

لكن أبو رفيق بدأ التفكير الآن في التفكير بتوسيع عمله إلى أماكن أخرى، وهو يشير إلى أنه راغب في تنفيذ أعمال حيث يوجد مسلمون مقموعون، ويتحدث عن الصين وميانمار كمكانين يمكن أن يكونا ذا فائدة للجهاد.

كما أنه يفترض أن "ملحمة التكتيكية" يمكن ان تعود إلى جذورها، للقتال في شمال القوقاز ضد الحكومة الروسية.

 

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، نشرت الشركة إعلانات عن وظائف على فايس بوك طالبة مدربين يمتلكون خبرة قتالية للانضمام إلى الشركة.

 وأعلنت أنها تبحث عن مجندين للعمل مع جبهة فتح الشام. حتى إنها قالت إن المدربين سيتمتعون بمنافع مثل العطلة ويوم استراحة واحد من الجهاد في الأسبوع.

 

وعلى كل حال، يقول التحقيق إن نموذج شركات المقاولات العسكرية الجهادية الذي أنشأه أبو رفيق، لعب دوراً مهماً في المعارك التي دارت في الشمال السوري، ويمكن ان يكون في وقت قريب ملهماً لاستنساخ نماذج مماثلة خارج الشرق الأوسط.

وحتى لو قتل أبو رفيق أو تم تدمير "ملحة التكتيكية"، فإنه فعلاً قد أحدث هزة في الحرب ضد الأسد، وربما في مستقبل المجمع الصناعي-العسكري في العالم.

علق هنا