الرجل للمرأة بعد الإنجاب: كيف أمارس الجنس مع أم؟

بغداد- العراق اليوم:

تعتني المرأة بجسمها وتحاول السيطرة عليه. هو ملكها تفعل به ما تشاء، وتديره كما تريد. ثم يأتي الحمل ويسلبها هذه السيطرة لتقف عاجزة أمام تحولات جسمها: يظهر النمش في الوجه، يتغير الشَعر، يتشقق الجلد، ينتفخ البطن، تتضخم منطقة الخصر وتتجمع الدهون في الأرداف والفخذين.

بالإضافة إلى صراخ دون سبب واضح، ونسيان مواعيد عشاء ومناسبات، وشعور بالدوار، وفي الكثير من الحالات، فقدان الرغبة بالشريك: فإن اقترب منها للمداعبة شعرت بالانزعاج وفضّلت الابتعاد.

فهل هي سبب فتور العلاقة الجنسية خلال الحمل وبعد الولادة أم يلعب الزوج دوراً أيضاً في هذا الفتور؟

استعادة الجسد

تفقد المرأة خلال الحمل السيطرة على الجسم الذي استعادت ملكيته، بعد أن حاول الآخرون على مر السنوات التحكم به.

فقد كان عليها استعادته من أيدي الآلهة بعد أن كان يُقدم إليها قرباناً. ثم تحررت من حزام العفة الذي فرضته عليها العصور الوسطى، والمصنوع من المعدن والجلد ويثبت في منطقة ما بين الفخذين ليضمن الزوج عدم اتصال زوجته بغيره.

وقد ربطت المسيحية واليهودية بين المرأة وبين الخطيئة وخروج آدم من الجنة. ليأتي الإسلام ويزيح عنها تلك التهمة، ثم يفرض عليها تغطية جسدها ويحرمها من إظهاره.

الحمل وتأثيره في العلاقة الحميمة

على الرغم من أن المرأة ربحت معركة استعادة جسدها في حلبات عديدة، فإن مجتمعات كثيرة ما زالت تتحكم به. عدا أن عدواً جديداً ظهر لها، هو الصورة التي تفرضها وسائل الإعلام على شكلها حتى باتت معايير الجمال المختلفة والوزن المثالي مُعلبة وجاهزة لاستهلاك المجتمع والمرأة.

 

في ظروف كهذه، يصبح من الصعب الشعور بالثقة بالنفس عندما يخرج شكل الجسم عن المعايير الثابتة خلال فترة الحمل.

وتتأثر العلاقة الحميمة بين الزوجين في هذه الحال. فبين تغير هرمونات المرأة وشكلها وبين مشاعر الرجل، تبدأ الحياة الجنسية لدى الكثيرين بالفتور، لا سيما خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، تماشياً مع فتور رغبة المرأة في الفترة ذاتها بسبب ما تعانيه من غثيان وإرهاق.

بالإضافة إلى إحساسها بالروح التي تنمو داخلها، مما يزيد لديها الرغبة بالحنان والحماية. لكن في المقابل، هناك نساء تزداد لديهن الرغبة الجنسية خلال أشهر الحمل.

"لا يمكن القول إن جميع النساء يفقدن رغبتهن الجنسية خلال الحمل"، تقول المستشارة النفسية للعلاقات الجنسية والزوجية في الإمارات، مها نصرالله. "هناك من تزداد لديهن الرغبة ويزداد نشاطهن الجنسي".

"يتوقف الأمر على الهرمونات وثقة المرأة بنفسها وتعريفها لنفسها"، تضيف نصرالله. فالهرمونات والمواد الكيميائية في الدماغ تجعلها تحب بعض الأكلات وتبغض بعضها، وهو ما يسمى بالوحم، وهو أيضاً ما يحدد علقاتها بالاتصال الحميم.

أما زيادة وزن المرأة، فلا تعني دائماً فقدان الثقة. فقد تتقبل شكلها، ولا تشعر أن هويتها الجنسية وجاذبيتها مستمدتان منه.

أن أمارس الجنس مع أمّ!

التغير قد يصيب الرجل أيضاً. فهناك أسباب أخرى تجعله يتردد قبل الاقتراب من شريكته كأن لا يحب تغير شكلها، ولا يشعر بالانجذاب نحوها.

وتُعد الفكرة التي تتكون في ذهن الرجل خلال نمو الجنين أحد أسباب تغير نظرته لجسد المرأة. فهو الآن أمام أمّ طفله. وفكرة الأمومة لديه مرتبطة بهالة من التقديس، وطالما أُبعدت عنها فكرة الجنس. تسمى هذه المشاعر عقدة "مادونا العاهرة".

تقول نصرالله إن كثيراً من الرجال يعيشون مشاعر متضاربة حينما تحمل المرأة الجنين. فقد يبتعدون عنها خوفاً على الطفل من العلاقة الجنسية. وقد يشعر الرجل أنها لم تعد حبيبة بل صارت أمّاً.

والربط بين الأمومة والعلاقة الجنسية في منتهى الصعوبة لدى الرجال، فمخيلتهم تحوي الكثير من الإباحية تجعلهم لا يرون أنه من المناسب لأمّ أن تمارسها.

تقول دينا التي فضّلت عدم ذكر اسمها الكامل عن زوجها ذي الطبيعة الخجولة أنه كان يشعر بالخجل أو الارتباك لدى رؤية شكل جسمها وكونها أمّاً. وتضيف: "كان علي أن أشرح له كل شيء وخاصة في الأشهر الأخيرة، لقد ابتعد عني وبات يعاملني بتحفظ وحرص كما لو كان اقترابه مني سيؤذيني".

ولفتت إلى أنها وزوجها امتنعا عن ممارسة الجنس طوال أشهر الحمل الأربعة الأخيرة.

"لم أهتم بالأمر حينذاك لأن أحاسيسي كانت قد تغيرت تماماً، فوجود الطفل داخلي كان شعوراً عظيماً جعلني أنسى كل شيء حتى نفسي... لكني الآن أفكر أن مرور أربعة شهور دون جنس كافية لأن تجعل من زوجي قديساً".

إعادة الرغبة إلى ما كانت عليه

يفترض الأزواج أن الحياة تعود لطبيعتها بدون مجهود منهم بعد الإنجاب، وكأن الوقت كفيل بفك عقدة المادونا لدى الرجل.

وتقوم بعض الزوجات بالمبالغة بإظهار مشاعر الأمومة، فيغمرن الشريك بها، مما يجعل انفكاك الرجل من العقدة أكثر صعوبة.

هذا بالنسبة للعامل النفسي، أما فيزيولوجياً، فقد تعاني المرأة صعوبة في بلوغ النشوة الجنسية مقارنة بفترة ما قبل الحمل.

وتظهر تلك الصعوبة بشكل خاص في حالة الولادة الطبيعية، إذ قد تخضع المرأة لشق في منطقة الولادة وتحتاج للغرز الجراحية المزعجة. فلا شك أن الزوجين يحتجان إلى بعض الوقت لكي تلتئم أوجاع الولادة ويعود جسد الزوجة إلى حاله، بالإضافة إلى ممارسة بعض التمارين الرياضية بعد الوضع ببضعة أسابيع.

لكن هذا لا يعني أن الوقت علاج كل المشاكل. فلا ترى نصرالله أن تجاهل الأزمات النفسية هو أمر صحي.

"ليس بالضرورة أن يذهب الزوجان إلى مستشار نفسي، لكنهما بحاجة للتحدث بانفتاح وصراحة لعلاج الموضوع"، تقول نصرالله.

والعمل يكون معاً، فلا يكفي أن يبادر طرف واحد لإحداث تغيير بدون مساعدة الآخر. ويبدأ حل مشكلة مادونا لدى الرجل بالعودة إلى مصادر مخاوفه.

وأضافت نصرالله: "علينا أن نعود إلى عمق المشاعر، ونذكر الرجل بأدوار المرأة المختلفة في الحياة. فهي زوجة وأخت وصديقة وموظفة وأمّ، وبمقدورها أن تلعب كل هذه الأدوار بشكل منفصل".

علق هنا