ايها العراقيون .. احذروا هولاء فأنهم يريدون بكم سوءاً !

بغداد- العراق اليوم:

أذا كانت  الحياة السياسية التعددية حديثة العهد في العراق، فأن الحق في التعبير، والديمقراطية، وحرية العمل الحزبي، أيضاً لم تُعمر طويلاً، ولم تختمر التجربة بما يكفي ليتم هضم معاييرها بشكل أساس، وتتجذر في تربة المجتمع، وتنمو لتكون شجرة قوية ثابتة وراسخة، يصعبُ اقتلاعها، بل أن الذي يحدث الآن، هو تسليط المزيد من الريح العاصفة، لاقتلاع نبتة صغيرة في العراق، أسمها الديمقراطية الناشئة، وثمة من يستغل حرية التعبير، لقمع حرية التعبير، ويستغل حرية الممارسة السياسية، للإجهاز على الممارسة، بمعنى أن " المفاهيم" تستخدم من قبل قوى عميقة وخفية لضربها من الداخل، وإفراغ التجربة من المحتوى، لتبدو مجوفة، وخالية من مضمون يمكنه اقناع العامة من الشعب بجدوائية استمرار الحياة السياسية في البلاد، وإمكانية تطوير الممارسة الانتخابية، لتكون فعلاً اجتماعياً راسخاً وسلوكاً حضارياً، يقود لإنتاج السلطة السياسية الناظمة لشؤون الناس، والتي تسوي الاختلافات عبر الحوار، وتمكين الجميع في بناء خيارات ذات صدقية، بدلاً من العودة الى مربع المؤامرات والقمع والدكتاتورية ونظام الحزب الواحد، والفرد المقدس!.

لكن للأسف، هذا ما يجري في العراق، من قبل قوى متعددة، وقد تكون مختلفة في المشارب والإتجاهات، وبعضها يمكن قبول وتفسير اعتراضه او انسحابه من العملية الأنتخابية، لأننا نعرف الكامن من فعله الاحتجاجي هذا، فمثلاً الحزب الشيوعي العراقي الذي اعلن انسحابه من العملية الانتخابية، هو كما يعلم الجميع حزب يؤمن بالديمقراطية، ويؤمن أيضاً بالخيارات الأساسية لبناء نظام سياسي شعبي وتعددي، ولا يريد مطلقاً عودة الأمور الى مربع الدكتاتورية التي ناضل طويلاً من اجل اجهاضها وازاحتها، وقدم الاف الضحايا على طريق الحرية والديمقراطية، لكنه اليوم يرى أن الممارسة الانتخابية قد افرغت من بعض محتوياتها، وبالتالي خضع لرغبة جماهيره وكوادره، وهذا موقف يُحسب له، لا عليه، ولعل الحزب سيجد نفسه مشاركاً في عملية انتخابية قادمة ان تحسنت المعايير، ورأت قواعده أن الأوان قد آن لمشاركة اكثر عمليةً واكثر تغييراً.

لكن ما لا نفهمه ولا نطمئن له، هو دعوات بعض الذين يمثلون اجندة غير واضحة، وهم يحرضون على المقاطعة، ويريدون أن لايخرج الناس ليقولوا رأيهم بحرية، ويعيدوا ترميم التجربة من الداخل، بدلاً من هدم المعبد على رؤوس الجميع، وهؤلاء يمكن تقسيمهم الى نوعين، الأول: بقايا الحرس القديم من الذين يريدون اعادة العجلة الى الوراء، ولا يرغبون بتطور التجربة، ولا تصحيح مساراتها، وهنا يكمن الخطر المحدق، وينبغي أن لا يقرأ تحريضهم على أنه جزء من موقف سياسي، فهولاء لا يؤمنون أطلاقاً بالعمل السياسي التعددي، قدر ما يستغلون الفسحة المتاحة من الديمقراطية لضربها في الصميم.

أما الصنف الأخر، فهم الذين وقعوا تحت تأثير دعاية واعلام تلك الفئة، أي هم الذين لا يدرون أي موقف سياسي عليهم اختياره، لذا راحوا يتضامنون بشكل عشوائي مع تلك الصيحات التي لا يعرفون مقاصدها المضمرة، وهنا الخطر.

ختاماً نقول ان لا خيار امامنا كشعب متنوع ومختلف، سوى الذهاب نحو الصناديق والمشاركة بقوة، وتعديل المسارات، وستكون مخرجاتها بمثل المدخلات التي قمنا بإدخالها بإرادتنا بطبيعة الحال، كما يقول جورج برنارد شو " الديمقراطية منهج يضمن أننا لن نُحكم بأفضل مما نستحق".

علق هنا