السوداني ..طريد الصدريين ووزير الصدفة الذي يطمح الى دور اكبر من وزنه السياسي

بغداد- العراق اليوم:

في السياسة لا يركن المتمرسون فيها الى الصدفة الا نادراً، وكحلول اضطرارية احياناً، لكنهم بالتأكيد سيتخلون عنها بمجرد انتفاء الحاجة لها، لكن في الواقع السياسي العراقي تبدو معادلة" الصدفة" حاكمة في بناء وترسيخ قواعد وأعراف لا يمكن تخطيها.

مع التجربة العراقية الحديثة العهد، لعبت المصادفة ادورا كبيرة في رفع اشخاص من الهامش الى المتن ومكنتهم من لعب ادوار مختلفة، رغم أنهم لم يكونوا من قبل، ذا منحى سياسي، أو ذا توجه ثقافي، أو إعلامي، لكنهم لم يستطيعوا ان يفهموا للأسف ان هذه المصادفات ليس قاعدة، يمكن ان تطبق على جميع الفرضيات، ولا يمكن ان تكون الحاضنة الحقيقية في افراز القيادات، وليست المهد الذي يصنع القرار في ادارة البلاد.

في سيرة محمد شياع السوداني، سنجد ان الرجل لم يكن فاعلاً في الحياة السياسية ابان عهد المعارضة، ولم يكن احد قادة الحركات الإسلامية او الوطنية، أو محسوباً على الوسط الثقافي، بل أنه ظل مجهولاً حتى ظهوره كمحافظ في ميسان عن طريق حزب الدعوة تنظيم العراق، وهو حزب صغير منشق، لم يكن له جذر تنظيمي ولا قواعد في المحافظات، إلاً إن شياع استغل اسم ومكانة حزب الدعوة العريق، ونجح في تحقيق بعض النتائج بالتحالف مع دولة القانون.

الى هنا سنفهم ان الصدفة هي التي أهلت الرجل ودفعت به الى موقع المحافظ، وستلعب صدفة اخرى دوراً لنقله الى موقع وزير حقوق الانسان! في حكومة المالكي، حيث قام الصدريون بمقايضة حزب الدعوة تنظيم العراق، بموقع وزير في الحكومة مقابل تخليهم عن موقع المحافظ، في حاضنة يعتبرها التيار الصدري اكبر قواعده في جنوب العراق.

قفز السوداني الى موقع وزير هامشي، وظل يعمل في حكومة المالكي، واستخدم لملء فراغات احيانا في الوزارات التي يستقيل او يقال او ينسحب منها الوزراء، وبقي على هذا المنوال غير المؤثر في المشهد السياسي، ولم تعرف له ادوار واضحة في العمل الحكومي او التنفيذي او التشريعي.

لاحقاً نجح شياع في الحصول على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة حيدر العبادي، التي اتصفت بالضعف وعدم القدرة على ادارة ملفات مهمة، مع انها في الجانب الامني والعسكري حققت عبر وزرائها الامنيين والعسكريين خطوات مهمة في اطار الحرب على تنظيم داعش.

وقد تكرر سيناريو  شغله لبعض الوزارات والمؤسسات الشاغرة، فأدار وزارة الصناعة وكذلك مؤسسة السجناء السياسيين، ولم تخلُ إدارته لهذه المواقع من مشاكل  وشبهات لا تزال تلاحقه.

في بازار الترشيحات المجانية التي كانت بعد اقالة حكومة عادل عبد المهدي، ظهر الرجل كمرشح تسوية، وهو الدور الذي اعتاده كمرشح لسد الشواغر، لكن الرؤية الوطنية والسياسية لم تكن مقتنعة به، ولا امكانياته الذاتية في ادارة الدولة، وتولي مسؤوليات كبيرة في بلد حساس وملتهب مثل العراق، كما واجه السوداني رفضاً شعبياً منقطع النظير من الشارع المحتج الذي وصفه بأنه جزء من منظومة الفساد، واحد ادوات الاحزاب المتحكمة، وانه لا يمثل الشارع بأي حال حتى وان حاول عبر اجراءات شكلية منها اعلان خروجه من تنظيم الدعوة / العراق، ومنها ادعائه الاقتراب من المدنيين، الا ان هذا كله لم يقنع الشارع الذي طوقه بڤيتو واضح، ورفع بوجهه الكرت الأحمر، ولا يزال يلاحقه الشارع، في ظل قراءات واضحة تقول ان الرجل وتياره الذي اسسه لخوض انتخابات تشرين المقبلة، لن يحقق اي اختراق او نتائج نوعية تؤهله للعب دور كبير، ولا حتى متوسط في ظل بحث الجميع عن مرشح قوي غير حزبي، قادر على ادارة دفة الحكم بتوازن وحكمة من أجل استكمال مشروع السيادة الوطنية واعادة   الاستقرار السياسي المفقود.

علق هنا