الصحافي الامريكي الكبير ديفيد إجناتيوس يكتب في " الواشنطن بوست " عن الكاظمي ما لم يكتبه عن زعيم عربي غيره ..

بغداد- العراق اليوم:

وصف الكاتب بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية "ديفيد إجناتيوس" رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي" بأنه "سياسي مختلف" عن الساسة الذي يوصمون بالديكتاتورية والفساد، نظرا لخلفيته كصحفي ومدير سابق للمخابرات، واستقلاليته عن الأحزاب والميليشيات، مشيرا إلى أن زيارته المرتقبة لواشنطن استراتيجية وتعكس مشروعه لتحقيق عديد الموازنات الداخلية والخارجية.

وذكر "إجناتيوس"، في مقال نشره بالصحيفة الأمريكية، أن "الكاظمي" حاول الحد من تأثير الجماعات العراقية المسلحة، وقدم الوعود بالإصلاح لكنه لم يكن قادرا على الوفاء بها حتى الآن بسبب الدعم الخارجي لهذه الجماعات.

ورغم ذلك، يرى الكاتب، بعد زيارة لبغداد استمرت 5 أيام اجتمع فيها مع "الكاظمي" وكبار المسؤولين، أن التجربة التي بدأها رئيس الوزراء قبل عام تستحق الاستمرار، معلقاً: "قد يكون هذا طموحا بعيد المدى، لكنه غير مكلف للولايات المتحدة والمكافأة كبيرة".

وأوضح أن "الكاظمي" يحاول الحصول على صفقة صعبة من الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، فهو يريد خروج القوات الأمريكية من العراق مع استمرار دعم الولايات المتحدة، لكن مشكلته هي إيران التي تواصل ميليشياتها إطلاق الصواريخ على السفارة الأمريكية ببغداد.

واعتبر "إجناتيوس" أن "الكاظمي" بحاجة لعمل المزيد للحد من نشاط تلك الميليشيات وحماية الولايات المتحدة، ونقل عن رئيس الوزراء العراقي قوله: "العراقيون قادرون الآن على الوقوف على أقدامهم وحماية أنفسهم. لسنا بحاجة للقوات الأمريكية. وفي نفس الوقت، نحن بحاجة للمعلومات الاستخباراتية والتدريب وبناء القدرات والنصيحة".

ويشير المقال إلى أن مستقبل "الكاظمي" مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو ليس مرشحا، لكن معظم من قابلهم "إجناتيوس" قالوا إنه "يحب العثور على طريقة للبقاء".

فرصة "الكاظمي" الكبيرة، حسبما يرى "إجناتيوس"، تتمثل في المشاركة الواسعة في الانتخابات بتشجيع من المرجعية الشيعية في النجف، وتقارب نتائج الأحزاب المشاركة، ما قد يدعم بقاء رئيس الوزراء في منصبه بدعم من السنة والأكراد وإجماع من الأحزاب الشيعية.

ويشير "إجناتيوس" في هذا الصدد إلى أن الأحزاب العراقية عندما وجدت نفسها أمام طريق مسدود بعد انتخابات عام 2018 لجأت إلى "الكاظمي" لأنه رئيس المخابرات وعلى علاقة جيدة مع الولايات المتحدة وليس قريبا جدا من إيران.

كما أن "الكاظمي" وصل إلى السلطة عام 2020 على خلفية الاحتجاجات الشبابية التي هتف المشاركون فيها "نريد وطنا"، وطالبوا بالتحرر من الطائفة والميليشيات والجماعات السنية الإرهابية التي أضعفت العراق منذ 2003.

وقتل أكثر من 600 من المتظاهرين أثناء الاحتجاجات أو منذ ذلك الوقت، وكان "الكاظمي" إزاء ذلك عاجزا، ولكن المسؤولين الأمنيين أخبروه أن 150 من عناصر الجماعات اعتقلوا وسجنوا في أماكن مجهولة بانتظار توجيه اتهامات لهم.

وتظل "الجماعات المسلحة" هي العقبة الكبرى أمام "الكاظمي" بحسب المقال، إذ إن الحملات ضدها أوسع من عملية اعتقال شخص، فقوى الأمن تقوم بغارات أسبوعية ضدها لإحباط عملياتها، وقامت بـ30-40 مداهمة في الأسابيع الماضية.

وأورد مقال خلاصة دراسة لـ"مايكل نايتس"، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، سجل فيها 24 هجوما على السفارة الأمريكية منذ وصول "بايدن" إلى السلطة، و3 عمليات انتقامية أمريكية، مؤكدا أن العراق سيظل ساحة المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، لحين توصل واشنطن مع العراق لنوع من الردع أو تنسحب منه.

ولمعالجة ذلك لا بد من "موازنة" يريدها "الكاظمي" ليبعد العراق عن أن يكون ساحة معركة،  وهو ما عبر عنه لزواره بقوله إنه واجه بعد توليه السلطة 3 خيارات: إما شن حرب معلنة مع الميليشييات أو يتحول إلى رئيس وزراء مذعن أو تبني استراتيجية تدريجية تقوم على اضرب واهرب، مشيرا إلى أنه اختار الأخيرة.

وأضاف: "إيران لديها تأثير في العراق وبعض التأثير الذي يمارسه الإيرانيون في العراق نابع من قلقهم حول الولايات المتحدة والدور الذي تلعبه في العراق. نريد طمأنة الإيرانيين أن علاقتهم مع الولايات المتحدة قائمة على المصالح المشتركة. ويجب على العراق متابعة مصالحه أولا وأخيرا".

وتحاول حكومة "الكاظمي"، في الوقت ذاته، الدفع ضد محاولات إيران التلاعب في قطاع الطاقة، عبر منع العراق من الاستفادة من الغاز الطبيعي حتى تواصل تصدير الغاز له.

وفي هذ الإطار، ثمة خطط لوقف اشتعال الغاز من آبار النفط وتحويله لمشاريع قادرة بحلول 2025 على توفير الغاز لمحطات الطاقة الكهربائية.

ويشير "إجناتيوس" إلى أن "الكاظمي" يريد استمرار التعاون مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، والذي بدأ من خلال قتال تنظيم داعش في الموصل وتكريت والفلوجة، حيث شاركت فيه قوات النخبة بدعم من القوات الأمريكية الخاصة والطيران الأمريكي، ولذا فإن زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن ستكون ذات أهمية استراتيجية نوعية.

علق هنا