مدينة (الثورة) تسأل عن ابنها البار عبد الوهاب الساعدي .. !

بغداد- العراق اليوم:

فالح حسون الدراجي

افتتاحية جريدة الحقيقة

قبل خمس سنوات، وفي مثل هذه الأيام تحديداً، كتبت هنا مقالة افتتاحية عن البطل العراقي، عبد الوهاب الساعدي، بعنوان:

(ابن الثورة البار) .. وعلى الرغم من أن البعض أسماه قبلي أسماءً كثيرة، ومنحه ألقاباً عدة، منها (صياد الذئاب).. نسبة الى حجم (الذئاب البشرية) التي اصطادها في معارك تحرير صلاح الدين، والأنبار، وخاصة عملية تحرير الفلوجة، وأسماه البعض الآخر (الأسد الضرغام)، واعتقد ان هذه التسمية لا تحتاج لتعريف فهو أسد ضرغام بامتياز، وشجاعته لايختلف حولها اثنان، حتى لو كان بينهما ظافر العاني!

 

كما لقّبه البعض بـ(الجرَّاح الماهر) نسبة الى نجاحه في (إجراء) عمليتي تحرير معقدتين، وأقصد بهما تحرير تكريت والفلوجة دون إلحاق أضرار بالمدينتين، وحتماً فإن ثمة عدداً غير قليل من المتخصصين يشهدون بأن هاتين العمليتين هما اخطر، واصعب العمليات التحريرية التي تمت في العصر الحديث.. خاصة وأنهم كانوا يعتقدون أن تحرير هاتين المدينتين سيوقع ضحايا عديدة بين المدنيين الأبرياء، لكن القائد الفذ، و(الجرّاح) الماهر عبد الوهاب الساعدي نجح في إجرائهما بمهارة ودقة (ونظافة) جعلت الكثير من المتابعين يعترفون بذلك، ويضربون له (سلام معظّم).

وعلى ذكر القاب الشرف التي أُسبغت على البطل الساعدي، أتذكر أن البعض أسماه (عبد الكريم الثاني)- نسبة الى الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، وقد جاءت هذه التسمية على ضوء المشتركات التي جمعت بين القائدين.. كالتواضع، والبساطة، والطيبة، وحب الناس، والانتماء الى الطبقة الكادحة، والامانة والنزاهة والشجاعة الفذة والوطنية الطاهرة، لكن الشهيد عبد الكريم كان يتميز عن كل القادة بأنه عفى عن كل من أساء اليه، وتآمر عليه، بما فيهم (السفلة والقتلة) الذين لا يستحقون عفوه !

ولعل التسمية الأشهر التي سمّي بها (أبو ابراهيم) هي (رومل الجديد)-نسبة للقائد الألماني الشهير روميل- وقد نالت هذه التسمية التي أطلقتها عليه مجلة أمريكية معروفة، انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

وربما يكون هناك كثيرون غيري قد اطلقوا على الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي ألقاباً كثيرة اخرى، لكني شخصياً أفخر بأنّي أول من أطلق عليه تسمية (ابن الثورة البار) ..

نعم، فالبطل عبد الوهاب الساعدي هو ابن مدينة الثورة البار .. فهو  ابن ناسها المتعبين، وشوارعها المعطرة بتراب السنين المظلمة الصعبة..  وهو ابن قطاعات الفقر والجوع والنضال والكدح الشريف، الممتدة من قطاع واحد الى آخر أرقام الإهمال والتهميش خلف السدة، وحي طارق..

والساعدي هو ابن واخ وصديق لجميع شهداء المدينة الميامين، بل هو أخ لكل شهداء العراق الذين مضوا الى خلودهم، وهم يدركون أن جيلاً سيأتي بعدهم من الوطنيين الشجعان يكمل المسير نحو تحقيق الحرية للوطن، والسعادة للشعب المحروم، وسيكون من بين هذه الكوكبة الباسلة  البطل عبد الوهاب الساعدي حتماً ..

لذا، من حقنا اليوم أن نفتخر- نحن ابناء هذه المدينة - ونتباهى بالبطل عبد الوهاب الساعدي، فهو ابننا، وابن هذه المدينة التي تنتهي الدنيا ولا تنتهي أبداً ..

ابن مدينة هي أحلى من الشعر، رغم الفقر،  وأرقى من الموسيقى رغم البؤس، وأقوى من الحجر رغم أنف الزمن الصلف، وهي أرق من ماء السلسبيل، رغم قسوة أوجاعنا الدائمة، فمدينتنا العذبة، والحنونة، أحن من نعي الأمهات المكلومات عند صباحات الأعياد..  (الثورة) الكنز - أو  هي القصيدة (الكاطعية) التي لم تكتب بعد،  واللوحة السريالية التي لم ترسم حتى اللحظة، وهي أبوذيات ومواويل (رحيم المالكي)  التي لم تزل تتألف في صدر الزمن، حيث تنتظر النور والولادة والحياة رغم استشهاد شاعرها الجميل .. إنها مدينة الثورة -الأم- التي أنجبت للعراق عشرات الآلاف من الشهداء والشعراء والكادحين الشرفاء .. وأخيراً يكفينا ويكفيها زهواً أنها (أنتجت) وأنجبت للعراق القائد البطل عبد الوهاب الساعدي..

واليوم، وبكل حنان الأم، ترسل هذه المدينة الصبورة، بصرها نحو ابنها البار عبد الوهاب الساعدي، متمنية عليه أن يمد يده اليها، ليسهم في حماية أمنها وأمانها، وأن يشارك بيديه في إعمارها، وتطبيب جراحها النازفة، فهذه المدينة اليوم باتت - للأسف - عليلة، وجريحة،  وبحاجة ماسة لطبيب، بل وجراح ماهر (ونظيف) مثل عبد الوهاب الساعدي، ليعيد لها عافيتها وألقها وجمالها.. فهل سيستجيب الساعدي (الابن) لنداء أمه الطيبة؟

وقد يسألني هنا سائل:

وماذا يستطيع أن يقدمه الساعدي لمدينة الثورة، وهو مجرد قائد عسكري برتبة فريق ركن لا غير ؟

والجواب:

إن عبد الكريم قاسم كان قد حقق العجائب، وهو برتبة عميد ركن لا غير !

علق هنا