الثورة... المدينة

بغداد- العراق اليوم:

جمعة الدراجي

((مدينة الثورة او مدينة عبد الكريم قاسم كما سماها غالب الشابندر في مناظرته مع النائبة السابقة عن التيار الصدري مها الدوري،

انها المدينة المستهدفة من سياسيي منظومة الفساد ومن قوى ارهابهم المختلفة بكل اساليب الاستغلال البشع والقتل والتنكيل المدينة التي اعطت كل شئ ولم تاخذ اي شئ غير الاهمال ))

ادناه مقالة جميلة  للاستاذ جمعة الدراجي عن:

الثورة…المدينة

فعلا ثورة ...مدينة لا تشبه المدن ..ثورة ليست كالثورات

اسطورة لا تضاهيها الالياذة او الاوذيسة...خرافة.ولا خرافات الجن والعفاريت..حقيقة كالحياة والموت  او خيال ..كالخلود في العالم الآخر .

مدينة تجسد بها الجنون والفنون في آن واحد .

مدينة يؤمها الناس من كل حدب وصوب .

 كل الطرقات تؤدي الى الثورة .

مدينة تصاهرت مع المدن القريبة والبعيدة  .

تواشجت مع  القرى والقصبات النائية

سكانها اقحاح الطوائف والقبائل والبيوتات .

مدينة ولود ، ضربت نظريات النمو السكاني فيها عرض السدة وزحفت الى ما وراء شطيط.

 .مدينه الطقوس ، ولأعراسها طقوس حالمة تدخر ذكرياتها العرائس كايقونات ثمينة لعرضها على الاحفاد بالمسموع والمرئي.

ولأحزانها مئاتم وسرادق وولائم والحيطان يزينها السواد باسماء الموتى والشهداء.

النوتي بائع النفط الأبيض  يجيد دق اجراس التنبيه لتتوائم مع سماع معشوقته ليغطي على نداءات امرأة لم تلحق بخطوات العربة .

مدينة فيها الكادح كادح، العاشق عاشق، والمجنون مجنون.

 مدينة تجيد العزف المنفرد لطما ونواحا طيلة اربعة حروب ونيف منذ ريعان طفولتها التى ولدت من رحم طوفان بغداد لتطفو صرائف محلة الشاكرية والانتقال لهذه البقعة لينتفضوا من تحت ركام القهر  كالاقوام التي ادركها كلكامش بعد طوفان نوح ليحيلوا الارض اليباب الى بيوت وقصور كقصر ابو الصواريخ قرب سوق العورا ...يا لاسواق الثورة .

ذهبت اعماركم ورحلاتكم سدى ايها المستشرقون

  والرحالة الذين حطت بكم الرحال وجبتم ارض الحضارات فحين مررتم بالعراق لم يكن هناك سوق عريبة ولا سوق مريدي او سوق الغزل.  هذه الاسواق تحاورت فيها الاديان والحضارات. نوقشت بمقاهيهها وارصفتها ومجالسها العولمة وحداثوية الانساق الادبية والحركات السياسية والثورات بمختلف رؤى واتجاهات مدارس التكعيبة والبنيوية والتلطيخية والتفكيكية ناهيك عن المدارس الاساسية في النقد بمختلف وظائفه الفنية في الكلاسيكية  والرمانسية والواقعية والتعبيرية وغيرها .

اسألوا الاماكن اذ كنت في تسعينيات القرن الماضي  ارتادها والدهشة تعلو تطلعي وفضولي:

قاعة حوار، المسرح الوطني، ملعب الشعب ، قاعات ومعارض الرسم ، المتحف الوطني ، شارع السعدون ، دائرة السينما والمسرح،  مبنى الإذاعة والتليفزيون العراقي، مركز دار الأزياء .

جماعات النخب قادمون من المدينة بمختلف التخصصات ولندعو  جبار محيبس انموذجا متمردا على مسرح العلبة ( اذ يوميء بحزمة ضوء بالظلمة ليصنع مسرح بالفضاء الطلق)

المدينة تضج بالازياء. والغناء وفنون العمارة  والتجارة والنجارة  والشطارة والإثارة  والعيارة.

تضج الجوامع والحسينيات بالعبادة والدرس والزهد والتصوف.

بينما رباط البخت لدى رؤساء القوم محفوظ من العهد السومري لدى مضايف العشائر التي نقلت طباع وسلوكيات ولهجات جنوبية اصيلة .

عصر النهضة يبدء من الثورة .اذا قلنا بغداد نعني الثورة ، ثورة بالعشق ثورة بنفض غبار الفقر والوقوف على أطلال ارض صماء لتغدو بين قناة الجيش وضحاها مئاذن ومساكن ومدارس وملاعب  وصالونات ودكاكين وعمارات وعقارات وحمامات ومسابح ومجاري وارصفة وكازيوناهات واستودياهات ومحطات وقود وحمامات وحدائق وعلاوي بيع الماشية وكل ما يمكن ان يتخيله المرء.

 مدينة تقض مضاجع الطفاة فعزلت كقرية مصابة بداء الجذام ، عزلت بمخيلاتهم وأدمجت من حيث يشعرون ويشعرون. والمفارقة حاول الطغاة التقرب لها زلفى للاقتران باسمها ولو الى حين،

مدينة تهج منذ الصباح الباكر  لتضج طرقاتها نحو عمق بغداد للجامعات والدوائر الحكومية التي يعز على الانظمة وضع حجر اساس لمرفق حكومي مهم فيها ...

المدينة المستحيل.

المدينة المنجم، في الشعر والرياضة والمسرح والموسيقى و الرسم والنحت وكافة الانساق الفكرية .

مدينة علامتها الفارقة انها الثورة.

علق هنا