مصطفى الكاظمي (عنوان جديد) في سياسة الحياد الايجابي ..

بغداد- العراق اليوم:

لكل مرحلة زمنية وسياسية ثمة قادة وطنيون أو اقليميون، ينتهجون خطاً محايداً بين خطي الهيمنة العالمية.. فكان تيتو ونهرو وعبد الناصر يمثلون مرحلة خاصة في سياسة الحياد الايجابي، في ستينات القرن الماضي .. وقبلها كان ماوتسي تونغ يقود الصين الناهضة تواً، في حقول الغام السياسة الوطنية والشيوعية الخاصة، حتى وصلت اليوم الى ان تصبح قوة دولية  ثالثة عظيمة.. وهناك تجارب وطنية محايدة أخرى لا مجال لذكرها جميعاً.

تذكرت مل هذا وأنا أتابع ما نشرناه

امس في ( العراق اليوم) عن المقابلة الصحافية الموسعة التي اجراها رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، مع وفد صحافي ايراني، وهي المقابلة الأولى من نوعها منذ توليه المسؤولية، بهذه  السعة وبهذا العمق الذي تناول عبره الكاظمي مفردات العلاقة مع طهران، وملفات أخرى داخلية وخارجية، واثار فيها عدداً من النقاط، وابرق عدداً اخر من الرسائل التي اراد ان يوصلها لصانع القرار الايراني، الذي قال في معرض رده عن موقف العراق من اي تغييرات سياسية في طهران ستحدث بعد الثامن عشر من حزيران الحالي، أن" العراق يتعامل مع ايران المؤسسات، لا إيران الافراد، وبالتالي فأنه ماضِ في تجسير علاقاته، وبناء شبكة مصالحه، وأيضاً يمكنه أن يتعامل مع أي رئيس ايراني جديد"،  في اشارة الى احتمال وصول المحافظين مجدداً لسدة الحكم.

ويبدو من خلال مجموع ما طرحه الكاظمي في هذه المقابلة وفي عموم مقابلاته وخطبه وسياسته أن الرجل يمضي في طريق الحياد الايجابي، ولكن بلون عراقي، وطعم عراقي، وعطر عراقي أيضا..

فالرجل حين تحدث امس عن موقفه من انتخابات بلاده، كان صريحاً وواقعياً حين شخص مواطن الخلل والضعف في مجمل العملية الانتخابية، ومضى للتأكيد على أنه فضل ان يكون محايداً في مثل هذا الخضم الفائر، حيث قال " "لقد اخترت أن أكون طرفا محايدا، أدعم الانتخابات، ونعمل على أن نكون بمسافة واحدة بين جميع الأطراف السياسية".، ولكن عن أي حياد يتحدث الكاظمي، هل هو الحياد السلبي الذي يلقي الأمور على غاربها، وسيجمع اوراقه بعد المعركة ويمضي منعزلاً، ام أنه الحياد الفاعل، الايجابي، المتفاعل مع الحدث، والمنفعل مع الواقع؟

يضيف الكاظمي: "أنا شخصيا لن أدخل الانتخابات، ولا يوجد عندي حزب، لكن هناك من يحاول أن يوجه لرئيس الوزراء اتهامات باطلة بأنه سوف يدخل الانتخابات".

ويتابع : "فليفهم الجميع أن هدفي هو محاولة الوصول إلى مبدأ العدالة لكل الكتل السياسية ولكل الأحزاب والفعاليات الشعبية في العراق... دوري أن أحمي الانتخابات وأوفر فرص نجاحها. لن أشارك في الانتخابات، ولن أدعم تحالفا على حساب تحالف، وإنما سوف أشجع الجميع على الحوار، وبناء قواعد العمل والتنافس الوطني".

هذا هو الحياد الذي يفهمه الكاظمي، الحياد الذي يعيد تقييم الأمور وقياسها وفق خارطة مصالح البلد، ويترجمها عبر تضاريس المصلحة الوطنية، ولذا سيكون لهذا الامر انعكاسات ايجابية عميقة وعظيمة.

رئيس الوزراء الكاظمي، لن يتوارى، ولن يكون غائبًا طوعيًا، بل سيكون الاكثر حضوراً والاكثر اهمية وفاعليةً في المشهد السياسي القادم، بعد أن فاجئ حضوره الواضح الأوساط السياسية الداخلية والخارجية حتى.

علق هنا