الانتخابات العراقية بين المقاطعة والتأجيل.. هل سينجح الكاظمي في طمأنة المرشحين، والناخبين أيضاً بجدوى التصويت، وأهمية الصندوق؟

بغداد- العراق اليوم:

لم يبق اكثر من 120 يوم تقريبا على بدء المنازلة الانتخابية الكبرى في العراق، حيث من المؤمل ان تؤسس لمرحلة انتقالية جديدة مادتها، التغيير، ورائدها مشاركة شعبية واسعة في انتخابات هي الخامسة بعد انتخابات مثيرة للشك  اجريت في 2018، والتي قادت  نتائجها الى تفجر الاوضاع في البلاد، و ثورة شعبية اطاحت بحكومة عادل عبد المهدي السابقة، على ايدي الشباب   الغاضبين مما أسموه، بتزوير نتائج الانتخابات، وتقاسم القوى السياسية لكل المناصب الحكومية وقتذاك.

اليوم، يقترب العراق من اجراء الانتخابات الجديدة في ظل تنافس واضح بين مختلف القوى السياسية والشعبية والاجتماعية، بعد اقرار قانون الدوائر المتعددة الصغيرة، وهو قانون يجري استخدامه للمرة الاولى في البلاد.

دوائر صغيرة ..منافسة كبيرة!

حيث قسمت البلاد بموجب هذا القانون،  الى اكثر من ثمانين دائرة انتخابية صغيرة، سيكون التنافس فيها على مستوى الأقضية، لا على مستوى المحافظات، كما كان جارياً في الانتخابات السابقة.

هذا القانون تزامن اقراره مع تكليف قضاة مستقلين لإدارة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في البلاد وهي المؤسسة المنظمة للعملية الانتخابية، هو اجراء جديد ايضا.

الخوف من الهزيمة المبكرة!

كل هذه المساعي والجهود المبذولة تبدو الان عاجزة عن اقناع بعض القوى السياسية الناشئة، على الانخراط في مشروع الانتخابات القادمة، لأنها كما يرى مراقبون، انها لن تشكل رقمًا مؤثرا في المشهد الانتخابي القادم.

حيث يقول المراقبون ان هذه القوى الصغيرة المشتتة لن تتمكن في احسن الاحوال من جمع اكثر من عشر مقاعد على مستوى البلاد، من مجموع 329 نائبا يمثلون المجلس النيابي.

فيما ستظهر القوى السنية والشيعية والكردية التقليدية ممثلة بقوة في الانتخابات القادمة، مما يعني استمرار صيغة النظام السياسي القائمة، وصعوبة اختراقه بقوى جديدة خارج هذه التركيبة، التي تعكس مزاج اجتماعي ثابت سياسيًا، وممانع للتغييرات الجذرية، لذا تبدو أن القوى الناشئة في دعواتها هذه غير واقعية وغير متمكنة من فهم طبيعة حراك المجتمع العراقي، بحسب حديث المراقبين.

دعوات التأجيل ودعوات المقاطعة تترافق وايضا مع تشكيك مسبق بنتائج الانتخابات، حتى مع موافقة الامم المتحد،  والمنظمات الدولية المعروفة على المشاركة في المتابعة والرقابة على العملية الانتخابية. وأيضاً هناك  جهود حكومية واضحة  للحد من عمليات شراء الاصوات، او تزوير ارادة الناخبين، او حتى عمليات بيع الاصوات كما كان يجري في السابق.

حيثُ تقود الحكومة جهود داعمة لعمل  المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لتامين نظام انتخابي الكتروني دقيق ومحصن وغير قابل للاختراق، وقد تم التعاقد مع شركات دولية لغرض تحصين  هذه السيرفرات التي ستنقل  اصوات الناخبين، وتعيد توزيعها حسب ما ادلى به  الناخب في صندوق اقتراع ذات  متحسسات الكترونية سريعة الاستجابة.

مراقبون قالوا ان الحكومة ستمضي في اجراء عمليات حماية وتحسين دقيق لكل مفاصل العمل الانتخابي وابعاد كل الشبهات التي تثار من هنا وهناك.

الحيتان الكبيرة .. والأسماك الصغيرة!

في ما يرى المحلل السياسي، علي عبد الكريم، في حديث مع العراق اليوم، القوى الصغيرة ومع ان القانون قد أنصفها، لكنها لا تستطيع ان تنافس القوى التقليدية، التي ترسخت في المشهد الانتخابي  واصبحت لها تنظيمات على الارض، واصبحت لها قواعد مؤمنة بخطابها، سواء كان خطابا قوميا، أو دينيأ.

وأضاف "لذا فأن من المتوقع ان يولد فان المجلس النيابي القادم وهو يكاد يخلو من اصوات معارضة، مؤثرة بشكل واضح".

ويضيف " رغم كل هذا، فأن المعركة الانتخابية القادمة ستكون حقيقية جدا وتنافسية واضحة، وتقلص فيها نسبة التزوير الى ابعد حد ممكن، كما انها ستكون خاضعة بشكل كبير  للتدقيق والاشراف والمراقبة، وهو امر جديد  سيعطي التجربة الانتخابية مصداقية وتمثيل حقيقي للقوى الشعبية.

وعن دعوات المقاطعة التي صدرت من قوى تشرين، وبعض الأحزاب الأخرى ذات التوجه المدني، يرى عبد الكريم ان هذه الدعوات لن تؤثر كثيرًا على نسبة المشاركة التي يتوقع ان تصل الى اكثر من 70%، ويمكن ان يشهد العراق اول تجربة انتخابية عالية المشاركة، وكثيفة الحضور، لا سيما اذا ما احسنت القوى السياسية في دعم وتعزيز نسبة المشاركة الانتخابية.

ويؤكد عبد الكريم  ان المخرجات الانتخابية ستكون هذه المرة حاسم  ومرجحة وقد يشهد المجلس النيابي تغييرا بنسبة تكاد تصل الى. 90 %  للوجوه الحالية، مع احتفاظ القوى السياسية بالقدح المعلى من مقاعد هذا المجلس.

عبد الكريم اشار ايضا الى اهمية توعية  الشباب العراقي بالمشاركة في الانتخابات ودعم عملية التحول الديمقراطي كونها المخرج و الطريق الامثل لتجنب العنف و الدماء والاختلاف والانقلابات العسكرية وغيرها من السيناريوهات الخطرة على المجتمعات.

نشاط اجتماعي !

الى ذلك قال ناشطون في منظمات المجتمع المدني لـ العراق اليوم انهم " سيبدؤون  حملات توعية واسعة جدا،  بدءًا  من شهر حزيران المقبل لغرض حث الناخبين على المشاركة في انتخابات مجلس النواب المزمع اجرائها في العاشر من  تشرين الاول اكتوبر القادم.

وقالوا ان الانتخابات تمثل حل  وطني سلمي للمشكلة الاجتماعية التي عصفت بالبلاد بعد انتخابات  2018 المشكوك بنتائجها من قبل الشارع و اغلب القوى السياسية.

علق هنا