الملوثات الاشعاعية تهدد سكان مناطق شرق بغداد بالامراض السرطانية

بغداد- العراق اليوم:

ت

حذر اوساط نيابية من "كارثة بيئية" تهدد سكان العاصمة بغداد بسبب التلوث الإشعاعي، الذي يحصد نسبة 75% من مجموع وفيات محافظة البصرة، بعد اصابتهم بمرض السرطان.

وتزداد نسبة المصابين في المناطق قريبة من مواقع التلوث، لا سيما في قضاء الزبير، وأبو الخصيب، والقرنة، والأحياء الشعبية في مركز محافظة البصرة، كونها تحتوي على المواقع التي تعرضت إلى قصف بذخائر مصنعة من اليورانيوم المنضب، أو نقلت إليها أجزاء ملوثة من الآليات العسكرية للمتاجرة فيها، دون معرفة مدى خطورتها.

ونظم مئات من المواطنين في البصرة الاسبوع الماضي "وقفة احتجاجية" قرب مستشفى الطفل التخصصي، طالبوا فيها الحكومة المركزية بالإسراع في توفير العلاجات والمستلزمات الطبية للأطفال المصابين بالسرطان.

تلك المخاطر البيئية جاءت على مواطني العاصمة لا سيما من يسكن في مناطق شرقها.

وتشير الإحصائيات الرسمية لوزارة البيئة الصحة، إلى وجود 300 موقع ملوث يحتاج إلى مليارات من الدولارات وعشرات السنين لمكافحة تلوثه، في وقت تعاني مستشفيات البلاد من شحة كبيرة في علاج الامراض السرطانية بسبب الازمة المالية التي تمر بها البلاد.

ووجهت وزيرة الصحة والبيئة، عديلة حمود، الشركة العامة لتسويق الادوية والمستلزمات الطبية بالاسراع بانجاز العقود الخاصة بادوية التخدير والادوية المهدئة لالام الامراض السرطانية. 

ويقول النائب عن محافظة البصرة عادل رشاش المنصوري، في اتصال مع "العالم"، امس الثلاثاء، ان "المواطن في البصرة يعاني من مشاكل عديدة منها الاشعاعات التي سببت نشر امراض السرطان وكذلك مخلفات النفط التي تلوث الاجواء"، داعيا في الوقت ذاته الحكومة التحقيق الفوري الفوري بقضية استيراد الادوية التالفة بحاويات حديدية.

ويطالب الحكومة بـ"انصاف" محافظته بالشكل الذي يتناسب مع الخدمة "الكبيرة" التي تقدمها لكل المحافظات وتعرض سكانها لمخاطر الاشعاعات من خلال تعويض العوائل المتضررة، كاشفا في الوقت، ذاته عن وجود اكثر من 60 منطقة في المحافظة ضربت بالاشعاع النووي نتيجة مخلفات السلاح الامريكي. 

وذكر النائب، أنه "لا يخلو بيت في البصرة الا وفيه شخص او شخصان مصاب بالامراض السرطانية".

من جانبه، يوضح الخبير في مجال التلوث البيئي شكري الحسن في اتصال مع "العالم"، إن "معدلات التلوث في البصرة آخذة بالتصاعد بشكل يدعو للقلق، حيث هناك ارتفاع في مستويات تلوث الهواء والمياه، وهناك تلوث اشعاعي خطير"، مضيفاً أن "هذه الامور خلقت جواً مسموماً في المحافظة يؤثر على حياة الناس". 

ويشير الى، ان "الدليل على ذلك هو الارتفاع الخطير في معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية، وخصوصاً بين شريحة الأطفال، والمستقبل ينذر بخطر كبير في ظل عدم وجود معالجات لإيقاف التلوث".

وتعتبر أمراض سرطان الرئة والثدي، أكثر أنواع الأورام السرطانية انتشاراً على مستوى العالم، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، نتيجة الحروب والطرق البدائية المستخدمة في استخراج النفط.

في الوقت ذاته، تقول مصادر في وزارة الصحة والبيئة في حديث لـ"العالم"، ان "مستشفيات البلاد عموما تعاني من نقص في العلاج الكيماوي لمرضى السرطان بسبب الأزمة المالية التي تخنق البلاد، ما يجعل المرضى مضطرين لشراء بعض أدويتهم بأسعار مرتفعة جداً، لعدم توفرها في المركز المخصص لعلاج السرطان".

وتضيف المصادر التي لم ترغب بالكشف عن هويتها، ان "الاحصائيات الحديثة تتحدث وجود أكثر من 140 الف عراقي حاليا مصابون بأمراض السرطان وأورام خبيثة"، مشيرة الى ان "مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد تستقبل (12000) حالة سنويا تقريبا".

وتلفت الى، ان "محافظة البصرة تتصدر باقي المحافظات في ارتفاع معدلات الاصابة"، مؤشرة ان "75 بالمئة من مجموع الوفيات في المحافظة بسبب الامراض السرطانية".

وعن اجراءات الوزارة، تؤكد المصادر ان الوزيرة "وجهت الشركة العامة لتسويق الادوية والمستلزمات الطبية، الاسراع بانجاز العقود الخاصة بادوية التخدير والادوية المهدئة لالام الامراض السرطانية تمهيدها لارسالها الى المراكز المتخصصة بعلاج الاورام السرطانية في عموم البلاد".

واكدت، ان "نسبة كبيرة من المصابين بالأمراض في عموم البلاد، ناجمة عن التلوث الإشعاعي، في المناطق القريبة من المواقع المصابة".

في هذه الاثناء، يقول رئيس كتلة صادقون البرلمانية حسن سالم، امس الثلاثاء، في مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان وحضرته "العالم، إن "هناك كارثة بيئية خطيرة متمثلة بوجود تلوث في منطقة كسرة وعطش، في مدينة الصدر، شرقي بغداد، ازداد منذ العام الماضي"، فيما حذر من أن يؤدي ذلك الى "خطورة كبيرة على حياة الأهالي في المنطقة التي يبلغ تعدادها نحو 1000 عائلة"، لافتاً الى أن "مصدر التلوث هو ناجم عن صهر مصدر مشع ناتج عن مخلفات الحديد (السكراب)".

وأضاف سالم، أنه "تم فحص هذه المنطقة في آب الماضي، بحضور فريق من الضباط والمدنيين وقوة عسكرية، وثبت لهم أن الإشعاع وصل الى نسبة 11 ضعفاً عن الحد الطبيعي للإشعاع، والتلوث موجود في الهواء وليست التربة، مما يزيد من خطورته".

وتابع، إن "لا توجد هناك حلول حقيقية لمعالجة هذه الكارثة البيئية، لأن الفرق المختصة تحضر للكشف على الموقع فقط، ولا تضع إشارات على الموقع الملوث، كما لا تتخذ أي إجراءات، ولا توجد معالجات حكومية حتى الآن".

وطالب النائب، رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بإعلان حالة الطوارئ وإنقاذ أهالي منطقة كسرة وعطش شرقي بغداد، وإعتبارها "منطقة منكوبة"، وذلك لإحتوائها على مواد مشعة.

يشار إلى أن الأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية انتشرت في العراق بشكل لافت بعد حرب الخليج الثانية 1991، وغزو العراق سنة 2003، من جراء عدة عوامل أبرزها بحسب مختصين وتقارير دولية، استعمال القوات الأميركية أسلحة غير تقليدية، والتلوث واسع النطاق من جراء انهيار شبكات الخدمات لاسيما تلك الخاصة بالماء والصرف الصحي، وما خلفته الحرب من معدات مدمرة ملوثة إشعاعياً الكثير منها كان وسط الأحياء السكنية.

عن العالم

علق هنا