كيف سيواجه الكاظمي السلاح المنفلت بدون عنف.. وهل يملك "عصا سحرية" لحل هذه المشكلة الخطيرة؟

بغداد- العراق اليوم:

بعد قرابة عقدين من انطلاق تجربة الحكم الجديد في العراق، اثر الإطاحة بالنظام البعثي الدكتاتوري تبدو المقاربة المهمة، نتمثل بكيفية  ضمان بقاء العراق دولة مدنية مستقلة ذات سيادة، مع بناء الجيش العراقي ومؤسسات الدولة الأمنية والقضائية والتنفيذية.

 هذه التحديات تعكس جدلاً واسعاً‏ ‏لدى النخب السياسية والاجتماعية وتعطي المزيد من الحماسة للباحثين عن رؤية لصناعة عراق آخر، بعد أعوام الحرب والقتال الأهلي.

 في عام 2011 انسحبت القوات ‏الأمريكية من العراق معلنةً انتهاء مهامها في هذا البلد، لكن دخول تنظيم داعش الارهابي في عام 2014 استدعى ان يطالب العراق، القوات الأمريكية للدخول مجدداً في مواجهة التنظيم المتطرف.

هذا الاستدعاء  مثل فيما بعد ‏مشكلة حقيقية،  بعد نشوء جماعات مسلحة أهلية ساهمت في الحرب على التنظيم المتطرف، وهزيمته بالتعاون مع قوات الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب وبدعم من القوات الدولية المتحالفة.

 يبحث العراق اليوم عن فرصة سانحة ‏لاستعادة مدنية الدولة، والحد من السلاح في الشارع، وهذا ما تؤكده جهود رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي يعتزم تنظيم انتخابات نيابية مبكرة، بحلول أكتوبر القادم، لكنه لا يخفي تحذيراته ‏من تأثير السلاح على سير العملية الانتخابية، ونزاهة مخرجاتها التي ترسم علامة جديدة للبلاد بعدة أحداث الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي انطلقت في أكتوبر/ تشرين عام 2019.

‏الكاظمي أكد مراراً خلال مؤتمرات صحفية أو مناسبات سياسية، رفضه لاستخدام القوة والعنف في مواجهة بعض المشاكل على الاقل في الوقت الحاضر سعياً منه  ‏لإيقاف أي اندفاع نحو الحرب الأهلية الداخلية، إذ أن هذه الجماعات تواجه ‏رفض شعبي لتواجدها خارج اطار الدولة والقانون.

لاسيما  مع وجود هيئة خاضعة لسلطة الدولة، تسمى هيئة الحشد الشعبي العراقي، والتي ينضوي تحتها مئات الآلاف من المقاتلين الشجعان الذين تطوعوا استجابة لدعوة المرجع الاعلى السيد علي السيستاني، والذي يؤكد هو الآخر عبر سلسلة من البيانات والخطب التي يلقيها وكلاؤه، على رفض مطلق لوجود أي جماعات ‏مسلحة خارج نطاق الدولة، بل ان  السيستاني دعا  الفصائل المرتبطة بالعتبات المقدسة إلى الارتباط مباشرة  بوزارة الدفاع العراقية، او مكتب القائد العام للقوات المسلحة.

‏كيف سيواجه الكاظمي سلاح الجماعات خارج الحشد الشعبي؟

‏يخضع منتسبو هيئة الحشد الشعبي إلى قوانين وأنظمة عسكرية تصدرها الحكومة العراقية تحدد من خلالها انتشار الوية هذا الحشد، وعملياته التي ينفذها، وكل ما يتعلق به.

 ترتبط ‏بهيئة الحشد، مديرية الأمن، وهي جهة مسؤولة مخولة قانوناً بمتابعة المكاتب العسكرية أو شبه العسكرية التي لم تسجل ضمن الهيئة، ‏وبالفعل قامت هذه المديرية خلال الأشهر السابقة بإغلاق العديد من المكاتب في بغداد والمحافظات لجهات تدعي أنها جزء من الهيئة، ويعد هذا الإجراء جزء من الاستراتيجية ‏الحكومية في مواجهة مثل هذه الجماعات.

‏كما تعمل الحكومة الآن على متابعة أي جهة سياسية لديها أجنحة مسلحة، او تحاول التأثير في القوات المسلحة، لان  قانون الأحزاب النافذ الذي شرعه البرلمان،  ‏منع كل القوى السياسية من ممارسة أي نشاط عسكري أو شبه عسكري،  أو إدخال التنظيم في القوات المسلحة وهذا ما يعزز قوة الدولة في حماية أجهزة الأمنية والعسكرية من الاختراق السياسي.

‏كما يقود رئيس الوزراء العراقي وعبر مستشارية الأمن القومي،  حواراً مهماً مع كل الأطراف التي تؤثر في المشهد السياسي أو العسكري من اجل ترسيخ مبادئ الدولة المدنية، ومنع السلاح خارجها.

 فضلا عن هذا يقود العراق ‏حواراً استراتيجياً مع الولايات المتحدة الأمريكية يهدف الى إجراء سريع لسحب القوات الأجنبية المقاتلة من على أراضيه،  وهو ما ينزع الذريعة من أي جماعات تحمل السلاح ضد الوجود الأجنبي او تدعي ذلك،  وفعلاً لاقت خطوة الحكومة هذه ترحيباً من قادة ‏التحالفات السياسية الكبيرة في البرلمان، ومنها تحالف البناء الذي يقوده هادي العامري،  او حتى تحالف سائرون الذي يقوده مقتدى الصدر، وهما اكبر قوتان شيعيتان في مجلس النواب الحالي.

علق هنا