كلمة حق بحق الكاظمي .. رئيس الوزراء ينقل ضابط كبير من جهاز المخابرات الى المنافذ الحدودية، فلماذا سكتت الأقلام هذه المرة ؟!

بغداد- العراق اليوم:

في وقت تتصارع القوى السياسية بمختلف اوزانها الحزبية والنيابية، ومختلف توجهاتها المذهبية والقومية للبحث عن المناصب (الدسمة) في الدولة، وفي وقت يُصدع بعض الساسة رؤوس الناس بالحديث عن التوازن القومي او الطائفي، فأننا نرى ان حكومة الكاظمي تمضي قدماً في مشروعها العابر لهذه الفئويات، ولا تأبه للأصوات التي تحاول ان تخلط الحابل بالنابل، لا لشيء، سوى كونها تبحث عن مصالحها الذاتية تحت مختلف الأردية!.

عملياً، يقول الكاتب حسن العلوي، أن " الطائفية السياسية" لم تغادر المشهد السياسي العراقي، ولا عقلية الحاكم منذ تأسيس الدولة، باستثناء اربعة اعوام من حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، الذي جمد العمل بالطائفية ولم ينظر لمحيطه الا بكونهم عراقيين يعملون برفقته، ولذا كانت الكفاءة والنزاهة هي معياره الوحيد في اختيار مناصب الدولة، حيث يذكر انه لما اراد ان يختار رئيساً لجامعة بغداد، أقترح عليه البعض اسم الدكتور والعالم العراقي الكبير عبد الجبار عبد الله، ابن مدينة العمارة النجيبة، وحين سأل عنه الزعيم، قيل ان فيه مشكلة وحيدة، فلما استفهم عنها الزعيم، قيل انه من الديانة الصابئية المندائية، فاهتز الزعيم وانتفض بوجههم، قائلاً، أنا لا يريد تعيين امام جامع، بل اريد تعيين رئيس جامعة!. وهكذا مضى هذا الرجل في ادارة جامعة بغداد.

اليوم، نقول اننا نقف ازاء ذات اللحظة، فهذا الرجل (الكاظمي) لايعمل من خلفيات ودوافع سياسية مذهبية، ولا يمكنه ان يُقحم هذه الخصوصيات الشخصية في معايير التقييم، لكن مع الأسف، نرى البعض قامت قائمتهم حينما بدأ الرجل حملة اصلاحية وطنية في المنافذ الحدودية من اجل ضبطها، حيث كانت ابواباً مشرعة للفساد والنهب والتخريب الاقتصادي، ولأن الكاظمي يثق بقدرات جهاز المخابرات الذي بناه واداره بمهنية عالية، فأنه نقل اليه دفعة من خيرة ضباطه ومنتسبيه، ليكونوا العيون الساهرة، والذراع الذي تضرب به الدولة رؤوس الفساد واساطينه، لكن المتضررين من ضرب بؤر الفساد، والمستثمرين بكل حقل  راحوا يصيحون بكل ما أوتوا من بأس وعبر مختلف المنصات ضد هذا القرار، باعتباره اقصاءً مكوناتياً، او ابعاداً بصيغة مذهبية!ـ وغيرها من الادعاءات المخالفة للواقع بطبيعة الحال.

طبعاً، نعرف ويعرف الجميع ان الصراخ يأتي على قدر الألم، وأن ضربة موجعة نفذها الكاظمي هي التي استدعت هذا الصراخ والعويل من حماة الفاسدين.

لكن اليوم، ومع نقل ضابط كبير في جهاز المخابرات الى خارجه  صمتت الاقلام، وصمت الساسة المدعًون بالمظلومية، فلماذا؟.

المعلومات تقول ان الضابط المنقول، وهو من خيرة ضباط الجهاز، ومن نظيفي اليد، ينتمي الى المذهب الشيعي ايضاً، وان نقله الى منصب نائب رئيس هيئة المنافذ الحدودية قد صدر، فلماذا لا يدافع عنه هولاء!.

في الواقع ان نقل هذا الضابط الكفوء، ووضعه في هذا المنصب الذي يسيل له اللعاب، وتبحث عنه الاحزاب بمجهر المصالح التي تغتنمها، قد سدد لها لكمة قاضية، فالكاظمي هنا لم يعر للانتماء المذهبي اي دور في تعيين الكفاءات في مواقعها، ولم يأبه لكل حملات التشكيك، فالرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا الموقع يحتاج رجل شجاع وحسن السيرة والسلوك، وحين وجد الشخص المناسب اختاره بلا تردد، وبلا معرفة الى أي مذهب ينتمي.

فهل يقبل  هولاء الذين قلبوا الدنيا بالأمس ان يحتج غيرهم على اعتبار ان هذا الموقع الدسم يذهب الى انتماء مذهبي آخر، أم انهم بلعوا السنتهم لأن هذا المنصب مهم ومهم جداً؟

لقد أثبت الكاظمي انه رجل دولة حقيقي  وإنه لا يبحث في الانتماءات المذهبية أو القومية، بقدر ما يبحث عن الكفاءة والولاء الوطني والقدرة  لا غير، ولا يمكنه أن يحيد عن هذا الطريق مهما واجه من الصعوبات!.

علق هنا