لصبره وحكمته في التعامل مع ملف محافظتهم الشائك، أهالي الناصرية يرفعون القبعات للكاظمي

بغداد- العراق اليوم:

تسلم رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، في ايار 2020، الحكومة وهو يعرف حجم التركة الثقيلة، ويعرف أي مواجهة صعبة يمكنه أن يخوضها بالتعاون مع فريقه الحكومي، ولم تكن التركة، فشل سياسي وانهيار اقتصادي، وتشظي في مؤسسات الدولة فحسب، بل كانت تركة دماء وشهداء وجرحى تجاوزت اعدادهم الآلاف للأسف الشديد، فكيف يمكن أن يسير رئيس وزراء قدماً مع شارع غاضب، ومدن مكلومة، وجروح لا تزال تنز دماً، وابناء وأمهات مفجوعين يبحثون عن فلذات اكبادهم؟.

واذا كانت المحافظات التي اشتركت في حراك تشرين الاحتجاجي، قد عادت الى وضعها الطبيعي، فأن مدينة مثل الناصرية ما كانت لتعود بسهولة، اذ كانت الاكثر تضحيةً، والاكثر تضرراً من سياسات عقيمة، وغير عملية، مورست ضدها في سنوات طوال من الأهمال والعسف والدكتاتورية قبل 2003، وايضاً طالها الأهمال والفساد ونقص كبير في الخدمات بعد 2003، فكانت الأكثر شحناً والاكثر ثورةً في احداث تشرين 2019.

لذا بدأ الكاظمي يتعامل مع هذه المدينة المجروحة منذ يومه الأول، بكثير من الصبر والاحتواء والاستماع والانصات والانصاف حتى بدأ الرجل يضمد الجراح التي تركت على جسد المدينة، وباشر من فوره بتشكيل لجان خدمية، وأخرى تحقيقية، وأخرى صحية وعشرات اللجان، والأوامر والقرارات التي بدأت تبحث عن كل وجع، وتصل كل صرخة، فنجح في انصاف ذوي شهداء تشرين، الذين استكمل تسجيلهم وضمهم لمؤسسة الشهداء، وصرف بطاقات تقاعدية لذويهم، وباشر على الفور بتسفير العشرات من جرحى التظاهرات من الشباب للعلاج خارج البلاد، فضلاً عن احتواء الآلاف من ابنائها في الرعاية الاجتماعية أو عقود تشغيلية وغيرها من فرص العمل التي جهدت حكومة الكاظمي على تأمينها وتوفير غطائها المالي رغم الأزمة الخانقة.

هذا كله، فضلاً عن محاسبة شديدة لكل المتلكئين، وبحث عن المشاريع الاستراتيجية المعطلة، وإعادة عجلة الاعمار والبناء للدوران بعد سنوات من التوقف، فضلا عن تسريع عمليات صرف المخصصات المالية للمشاريع المتلكئة، وبدأت الناصرية تشهد حملة اعمار غير مسبوقة، والكل يشهد ان المدينة اصحبت ورشة عمل مفتوحة في كل احيائها، فالأكساء والتأهيل وشبكات المجاري والمياه وغيرها من الخدمات وصلت لأحياء لم تصلها منذ انشاء الدولة العراقية عام 1921.

هذا كله بجهة، وحكمة الكاظمي ولينه وتواضعه وأدبه الجم في التعامل مع ملف التظاهرات التي بقيت تنطلق بشكل متواصل، فالرجل لم يكن يريد أن يجابه أي حراك، ولا ان يقمع اي مطلب، بل كانت قنواته الرسمية وغير الرسمية مفتوحة، يستمع للخريجين، ويستمع للباحثين عن الخدمات ويستمع لكل المطالب بروح الملبي والمستجيب.

حتى في أزمة اقالة المحافظ السابق، لم يكن الرجل متغطرساً او غير متفاعل، فقد كان سريع الاستجابة، حاضراً بقوة في الأزمة، فأستمع لراي الناس واقال المحافظ، وها هو يدير التقاطعات والاختلافات التي برزت للأسف في الشارع بروحية متفتحة، (وخلك بال) كما يقول العراقيون، ويدفع بإتجاه ان يرضي اكبر قدر من ابناء الناصرية، وأن يدفع لهم بإدارة قادرة على مواكبة زخم وسرعة الاستجابة التي تقوم بها الحكومة الأتحادية من إجل ان تتجاوز ذي قار كبوتها وأن تنهض مشرقة قوية ومقتدرة.

هذا التفاعل وهذه الروح يثمنها أبناء الناصرية عاليا، ويكبرون هذه الروح المسؤولية تجاه ابن المدينة، الذي عرفوه مخلصاً وفياً ومسالماً ومقدامًاً ايضاً في محاربة الأرهاب ولا ننسى أنه كان احد أبطال النصر والتحرير، وبفضله ومن معه من ابناء قواتنا الأمنية قلص ثمن الانتصار الكبير، وها هو مرةً أخرى يحقن الدماء ويوقف النزيف، وينجح في بناء معادلة يكون الصوت الأعلى فيها للمواطن.

علق هنا