ماذا يريد متظاهرو ذي قار ومتظاهرو المحافظات الأخرى؟

بغداد- العراق اليوم:

بدءاً وقبل الخوض في الإجابة عن هذا السؤال الشائك والمعقد، لا بد من التوضيح، إننا كنا وما نزال ندعم التظاهر السلمي الديمقراطي، وننتصر لحرية التعبير والتجمع السلمي المطلبي، وكنا من أوائل المواقع الألكترونية الصادرة في العراق التي تفرد تغطيات إخبارية موسعة عن الحراك الاحتجاجي منذ زمن الحكومة المنصرفة، وكنا ولم نزل داعمين لمطالب أبناء شعبنا، لكننا كنا نميز - ومعنا قطاعات واعية من شعبنا العراقي - ونؤكد على أن الاحتجاج والتظاهر  وسيلة لاستئحصال الحقوق وتقويم المسارات لا ان تتحول إلى غاية في حد ذاتها، لانها ان تحولت كذلك فانها ستكون عبثاً وتوظيفاً لآلية في غير محلها، وهنا يصبح التظاهر معرقلاَ ومعطلاً وغير منتج.

من هذا الفهم نضع اليوم تظاهرات بعض المحافظات العراقية، على محدوديتها، وضعف المشاركة الشعبية فيها، وانسلال جماهير وقطاعات ونقابات وقوى اجتماعية منها، بعد أن ادت الحركة الاحتجاجية في تشرين غرضها، وانجزت مرحلة انتقالية بقيادة حكومة مستقلة غير حزبية أو فئوية.

نقول ان ما تبقى من هذا الحراك قد دخل بصراحة شديدة في دائرة لا يمكن الا ان تكون عبثاً، وتقزيماً لحركة تشرين ومطالبها الوطنية، فلا يمكن باي حال ان تختزل تشرين بعملية استبدال محافظ أو إقالة مدير ناحية، مع أن استجابة الحكومة متوفرة ؛ وأن مسارات التغيير والتبديل متاحة بشكل سلس لا يتطلب باي شكل من الأشكال الاحتجاج أو عمليات التصعيد غير المبررة التي تحدث كما هو الحال في الناصرية، وهنا نقول الناصرية لا ذي قار، ونعني ما نقول فالمحافظة لا يمكن أن تختزل بمجاميع صغيرة؛ يقومون بشكل متواصل بأعمال احتجاجية تحت شعار( الثورة مستمرة) وهو شعار تروتسكي أثبت عدم جدواه تاريخياً، ولا يمكن ان ينتج الا مزيداً من الفوضى واختلال الموازين الاجتماعية والإدارية.

رأينا في ملف إقالة محافظ ذي قار السابق، أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي كان الأسرع استجابة وتفاعلاً، فالرجل قام بما ينبغي أن تقوم به حكومته، واستمع لآراء هذه الشريحة، واختار للمدينة رجلاً فاضلاً وعسكرياً قديراً، وواحداً من أبناء المحافظة الاصلاء، هو رجل من رجال التحرير؛ وقائد ميداني نظيف اليد، وبهي السيرة؛ وقد لاقى هذا الخيار ارتياحاً شعبياً حسب مجساتنا، لكن هذه المجاميع عادت لتتظاهر ضد هذا الترشيح، فلماذا حدث هذا وماذا يريد هولاء المتظاهرون، بل إن المدينة بوجهائها وشيوخها ونخبها، تعقد الاجتماع  تلو الآخر كي ترشح من يمكنه أن يحل بديلاً عن الاسدي الذي أعلن ان مهمته مؤقتة، إلاً أن الغريب والعجيب، أن هذه المجاميع لا تزال تعكر صفو الأمن والنظام ويتضامن معها نفر آخر في محافظات اخرى، وينتقل المطلب إلى محافظات مستقرة، ويظهر هناك من يطالب بمساندة ذي قار، ومن ثم تعود ذي قار لتتظاهر مساندةً المحافظات الأخرى لتغيير محافظيها، وهكذا دواليك في حلقة مفرغة ان استمرت فانها ستعطل جميع مرافق الحياة.

محزن جداً أن يتحول حراك الشعب العراقي الواسع إلى مجرد مطالبة مثل هذه مع ان هولاء الذين يتظاهرون يعجزون عن اختيار من يمثلهم ويختلفون فيما بينهم على كل شيء، فهل يعقل أن يستمر الحال هكذا.

هو سؤال موجه لكل ناشطي الحراك في العراق والمتظاهرين وقادة الاحتجاج، عن السبيل الأمثل للخروج من  هذه الدوامة والمتاهة التي وقعنا بها؟!

علق هنا