أين أصبحت دعوة رئيس الوزراء للحوار الوطني، من معها، ومن ضدها، وكيف استقبلت القوى السياسية هذه المبادرة المنقذة؟

بغداد- العراق اليوم:

باستثناء قوى تحالف الفتح النيابي، الذي وضع شرطاً في الموافقة على الحوار الوطني الذي دعا له رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، فأن كل القوى السياسية الفاعلة في المشهد، فضلاً عن الفعاليات الشعبية والجماهيرية وحتى الدول ذات الأهتمام والتفاعل مع القضايا العراقية، أبدت ترحيبها الواسع بهذه المبادرة، الأولى من نوعها التي يتبناها رئيس الوزراء، وتمثل حراكًا غير مسبوق في سبيل ايجاد حوار عملي، وفق آليات واضحة لمعالجة قضايا ظلت تشكل بؤر توتر وتأزيم طوال العقدين الماضيين، فيما يرى مراقبون أن "الحوار الوطني لو أُستكمل برعاية الحكومة، وأُبعد عن ظلال القوى الخارجية وتأثيراتها، يمكن أن يُمهد لبناء عملية سياسية جديدة في العراق، بعيدة كل البعد عن الأسس المرفوضة حاليًا، كالمحاصصة الحزبية والطائفية، وشيوع الفساد والسطوة على مؤسسات الدولة وغيرها".

وقال المراقبون في حديث لـ (العراق اليوم)، أن " تعمق الأزمة السياسية، ووصولها الى مرحلة تقاطع شديدة، استدعت رئيس الوزراء، الى البحث عن حلول غير تقليدية، فهو لا يريد أن يؤجل كما فعل اسلافه، المشاكل ويُرحلها الى الأمام، قدر ما يسعى لمواجهتها عملياً، لذا بدت دعوته للحوار الوطني حقيقية وصادقة، ومدروسة، وذات رؤية تشخيصية للواقع".

وقد بينوا أن " الحوار سيتناول ملفات حساسة لم يجرِ اثارتها من قبل، كملف السلاح خارج الدولة، العلاقة مع دول الجوار، الفساد، توسيع المشاركة السياسية، مناقشة العلاقة مع اقليم كردستان، مستقبل التهديدات الأقليمية لوحدة وسلامة البلاد، ملف العلاقات الدولية مع القوى العظمى، مستقبل العلاقة مع الولايات المتحدة وشكلها، وغيرها من الملفات التي تشكل معظمها ازمات دائمة".

ولفتوا الى  أن " مخرجات هذا الحوار، ستؤدي الى انتاج استراتيجية وطنية عراقية لأول مرة، وستضع الدولة على السكة الصحيحة، وسيكون الجميع ملزمين بنتائج ومخرجات هذا الحوار".

من جانبه قال الدكتور حسين علاوي، عضو الفريق الاستشاري الذي يعكف في رئاسة الحكومة على تحديد آليات الحوار والجهات المشمولة به وموعد انطلاقه، مؤكداً  أن مبادرة الكاظمي «ستكون منصة للحوار الوطني». وقال إن الدعوة «مهمة جداً لتنشيط العملية السياسية ودعم تصميم الدولة العراقية وبنائها وفقاً لقيم النظام الديمقراطي الجديد ووفاءً لدماء العراقيين».

وأضاف أن «الدعوة لاقت ترحيباً كبيراً من المكونات الوطنية والقوى الوطنية والمجتمعية والرأي العام العراقي، وصدرت بيانات عدة، وسيتوارد عدد من البيانات السياسية خلال الساعات المقبلة والتي تعطي إشارات إيجابية عن قوة زخم المبادرة».

وأوضح أن «المبادرة تعد فرصة كبيرة ومنصة للحوار على مستويات سياسية واجتماعية وشبابية ولقوى الاحتجاج الشعبي والقوى الكردستانية الشعبية لحوار بين المركز والإقليم»، مؤكداً أن «الحوار الوطني عملية دفع للعراق نحو عقد سياسي جديد للوئام الاجتماعي». وأشار إلى أن «المبادرة ستكون منصة للحوار الوطني الذي يجمع بين رؤية السلطة التنفيذية التي سيعززها رئيس الجمهورية بوصفه راعياً للدستور وداعماً لمبادرة رئيس الوزراء وسيعمل عليها مع القوى السياسية لإنتاج العقد السياسي الجديد للعراق في مجال صورة الدولة ونهج السياسة العامة ونهج الاقتصاد الجديد ومعالجة وتفكيك أحجية الفساد والفقر والبطالة في جسد الدولة».

وأكد علاوي أن «ملف العلاقات المجتمعية وتعزيز قيمة التنوع والحفاظ عليها سيكون واحداً من المخرجات الأساسية التي سيبحث فيها الحوار، بالإضافة إلى وضع السلاح خارج أجهزة الدولة وسبل بناء الحوار مع الجماعات الخاصة».

وبيّن أن «تصميم الحوار الوطني يحتاج إلى خطوات فعالة من قبل القوى السياسية والمجتمعية والشبابية والفعاليات السياسية من خلال صناعة المحتوى وتحديد المسار وتهيئة الذات الجمعية العراقية للانتقال بالفضاء الاجتماعي من مسار السيولة إلى مسار الصمود وتصليب مرحلة الانتقال السياسي للبلاد».

علق هنا