كيف تمكن (الشاب) مصطفى الكاظمي من تحقيق أمر في شهور معدودة ، بينما فشل الرؤساء "الكهول" بتحقيقه في سنوات؟

بغداد- العراق اليوم:

بدت مهمة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في إدارة شؤون البلاد مهمة انتحارية بمعنى الكلمة، حيث ان الرجل قدم لتحمل مسؤولية جداً جسيمة، وتركة لا يمكن أن تنوء بحملها حكومة انتقالية تفتح الباب لاجل استعادة دولة انهارت تحت ضغط الجماهير  وتلاشت فيها معالم النظام، نظام فقد شرعيته نتيجة لاستمرار الصراع الدموي العنيف، وفقدان القدرة على أحداث تغيير  حقيقي في بنيته الأساسية.

فضلاً عن هذا كله كان العراق يعيش ظروفاً اقتصادية اقل ما يقال عنها أنها  مأساوية ولا يمكن توقع مداها اذا ما عجز نظام المدفوعات عن تأمين معاشات قطاعات الموظفين وجيوش العاطلين والمتقاعدين وغيرهم من الفئات التي تتولى الدولة الاتفاق عليهم من إيرادات النفط.

هذا كله يضاف له صراع إقليمي شرس وخطر كان ينذر بإشعال حرب كونية بين إيران ومحورها وبين أمريكا ومن يتبعها، وهذا ما يلقي بظلال ثقيلة على الواقع العراقي كله، فنحن لسنا نعامة تضع رأسها في الأرض، فإيران كان لها نفوذ واضح في العراق كما لغيرها، وكذلك الأطراف المتصارعة معها؛ وللأسف فقد ابدت الحكومة المنصرفة مرونة كبيرة في ان يمد هذا الصراع مخالبه في الأراضي العراقية، وما استتبع ذاك من صراع ورطت فيه الدولة العراقية مع حليف استراتيجي، ومع جار عميق كايران المعروفة.

ازاء هذه المهمة الانتحارية كان يبدو افق التوقع ان تترنح حكومة الكاظمي تحت ضربات هذا الواقع المتردي سياسيا واقتصاديا وامنيا ودوليا، وكنا نقرأ بورصة الأحداث وكلها لا تبشر بخير، فالكثيرون توقعوا ان ينتهي عراق ٢٠٢٠ بكوارث متعددة، فكيف نجا من هذا المآل، وكيف استطاع الكاظمي ان يجنب البلاد الغرق في بحار الدم والفوضى؟.

مطلعون على خفايا القرار  خلف كواليس الأحداث يرون أن جهوداً جبارة بذلت خلال الأشهر الماضية، حول فيها الكاظمي مكتبه لغرفة عمليات دولية ومحلية، وخلية عمل في حالة انعقاد دائم من أجل حلحلة المشاكل بروية، ورؤى حكيمة، واستطاع الرجل ان ينزع فتيل الكثير من القنابل التي كان قد وضعها الأخوة- الأعداء بوجهه ووجه حكومته، لكن الرجل عمل كإطفائي واجتاز بحذر شديد حقول الالغام، وروض الكثير من الثعابين، واستطاع أن يخلص البلاد من أفكاك الفوضى والخراب، ونجح في مهمته لغاية الان وقطع اشواطا، ننتظر ان يقطع الأخرى حيث يستكمل مشروع حماية العراق واستعادته.

لقد نجح الكاظمي الشاب، بتحقيق ما لم يستطع تحقيقه الرؤساء الكهول من قبله ؟

علق هنا