دعونا نتحدث بصراحة : لو لم يكن الكاظمي (المعتدل) رئيساً، هل سيأتي البابا الى العراق بهذه الطمأنينة؟

بغداد- العراق اليوم:

مثلما حطت طائرة البابا فرنسيس قبل يومين بسلام واستقبال رفيع وحفاوة عالية، غادرت مكللة بالدعوات والأماني والمحبة الفائقة التي غمرها العراقيون على قداسة الحبر الأعظم، الذين وصفوه بأنه "صديق الشعب" والزائر الذي جاء باحثاً عن المحبة والسلام في أرض ابراهيم الخليل، بهذه الصورة الجميلة طوى البابا صفحات زيارته المكوكية التي شملت العراق من جنوبه الى شماله، وما بينهما وسطه المترع بالروحانية الخالصة والزهد والتقوى والمحبة للجميع التي لمساها قداسته في لقائه مع مرجع الزهد السيستاني.

لكن اليس من حقنا ان نسأل بحياد، هل كانت هذه الزيارة لتتم بهذا البرنامج الواسع الشامل والمكتنز، لو لا وجود شخصية وطنية رصينة، قادرة، ومؤمنة بصدق بقدرات شعبها، وإمكاناتها، فلأول مرة يقف شخص مثل رئيس الوزراء  مصطفى الكاظمي في سدة المسؤولية، وهو يحمل افكاراً تنويرية، وروح حضارية مؤمنة بأن  كل أطياف الإنسانية في مركب واحد، وأن عليها ان تنزع عنها أدران الطائفية والعنصرية والقومية الضيقة، والانطلاق في فضاء التقارب الانساني والبحث عن المشترك في صياغة مفهوم الدولة لبناء المجتمع.

أن "وسطية" الكاظمي واعتداله شجعا كثيراً قداسة البابا على زيارة العراق، واللقاء بأرفع شخصياته، والحج الى أور، ولو رجعنا بالتأريخ الى الماضي القريب، سنجد ان رغبة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، الذي خطط في مطلع الالفية الثانية لزيارة العراق، اصطدمت فيما اصطدمت به، هو اعتراض المعارضة العراقية انذاك، والتي رأت أن زيارة الحبر الأعظم الى العراق انذاك ستبيض صفحة ذلك النظام الفاشي، وستمنحه مشروعية لا يستحقها.

ومن المؤكد إننا سنرى ذات الموقف من اطياف دولية ومنظمات حقوقية وهيئات رأي وضغط على قداسة البابا فرنسيس لالغاء الزيارة لو وقف على سدة الوزارة، شخص يتصف مثلاً بالطائفية او العنصرية او شخصية غير مقبولة دولياً.

لكننا – ولله الحمد – رأينا ارتياحاً دولياً تاماً لتقارب قداسة البابا مع الحكومة العراقية، ونزوله بأرض العراق في رعاية وكنف حكومة وطنية مستقلة، عملت خلال أشهر من وجودها في الحكم على كسب ثقة مجتمعها اولاً، والمجتمع الدولي ثانياً.

ان منهج الاعتدال والوسطية اللذين يسير بهما الكاظمي قدماً، من شأنهما ان يعيدا رسم ملامح العراق الجديد، العراق القائم على المواطنة، وسيادة القانون، واحترام التنوع، والعمل على تعزيز سلطة الدولة، ومواجهة آفة الفساد ومكافحة الأرهاب الشامل.

علق هنا