بغداد- العراق اليوم:
كتب المحرر الاقتصادي في (العراق اليوم) يطمح الكثير من العراقيين، أن يهيء لهم القدر شخصية وطنية قادرة على تحقيق قفزة نوعية شاملة في بنية اقتصادهم الوطني، وتحسين ظروفهم المعاشية، وأنهاء حالة الفوضى التي تعيش بها البلاد، لذا تراهم يراهنون على من يصل لمقاليد الحكم، لكن للأسف فأن " المجاملات والخوف على المكاسب، ومحاولة استرضاء الناس بأي ثمن تطيح بالكثير من الخطط وتوقف الكثير من مشاريع الإصلاح الأقتصادي المنشود، وخاب ظن المواطن بالحكومات المتلاحقة ومشاريعها وبرامجها المعلنة". إلاً أن الأمل أنتعش مع قدوم رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي الذي بدأ بقوة وجرأة، وأتخذ حزمة من القرارات الجريئة، ولا يزال يواصل خطواته المتلاحقة في سبيل انقاذ البلاد من التعثر الاقتصادي، وانقاذها من شفا الهاوية الذي وصلته بسبب سياسات الأنفاق غير الرشيد، وسياسات التوظيف الخاطئة، وتعطيل مصالح الدولة لصالح مصالح ضيقة حزبية، وغيرها من السياسات المُتراكمة". لقد قال الكاظمي منذ يومه الأول، أنه لا يطمح لأي منصب اكثر من طموحه بنهوض البلاد، وتخلصها من تعثرها الدائم، وحالة التردي المتواصلة، لذا وصل خلال عامه الأول الى أهم خطوة كانت تدور في الأروقة السياسية ويرددها الخبراء الاقتصاديون، ويراها الجميع بأنها المخرج الأساس لانهاء حالة الفوضى الاقتصادية، نعني تعديل سعر الصرف بما ينسجم مع الحاجة الحقيقية للدينار، ومثلها بالنسبة للدولار المُتأتي في الغالب من الإيراد النفطي. فكان قرار تغيير سعر الصرف مهماً وضرورياً وحاسماً للبدء بعملية إصلاح اقتصادي شامل، وكانت ارتداداته عنيفة وصاخبة ولا يزال البعض يصرخ ويملئ الدنيا ضجيجاً، لا خوفاً على الفقراء ومحدودي الدخل بالتأكيد، بل لأنها اصابتهم في مقتل، حيث عمليات المضاربة والبيع للعملة الصعبة التي يجني من خلالها هؤلاء مليارات الدنانير يومياً وتنهب من قوت الشعب العراقي نفسه. لقد ضرب الكاظمي كارتلاً مالياً خطيراً بهذه الخطوة الإصلاحية الشاملة، وبدأ يخطو ضمن سياسة الورقة الاصلاحية البيضاء التي يعدها خبراء اقتصاديون بأنها أول خطة عمل وطنية شاملة لاقتصاد متطور. هل سيتحول الكاظمي الى مهاتير محمد أو لي كون ؟ من يقرأ تجربتي سنغافورة وماليزيا، سيجد أن كلا البلدين مرا بذات الظروف الصعبة التي يعاني منها العراق، حيث التنوع الاجتماعي والقومي والأثني، فضلاً عن الاختلاف الفكري واللغوي، لكن البلدين قُيض لهما زعيمين مهمين، قادا تنمية اجتماعية واقتصادية فريدة، بدأها "لي كون" في سنغافورة منذ 1963 و"مهاتير محمد" في ماليزيا في 1971 عبر خطة طموحة واجراءات فاعلة في تحقيق الطفرة النوعية التي وصل لها كلا البلدين. هذا بلحاظ ضعف وشحة الموارد الطبيعية لكلا البلدين قياساً بالعراق الغني بالموارد الطبيعية والبشرية والموقع والتاريخ والعمق الحضاري، والسياحي والزراعي وغيرها من المؤهلات المهمة التي يتمتع بها البلد اليوم يقود الكاظمي عملية التحول الاقتصادي في العراق، بخطة واضحة، وأرادة صلبة، ويؤكد العزم على محاربة الفساد وتفكيك منظوماته التي أكلت أخضر البلاد ويابسها، وسيكون الرجل الذي يعيد برمجة شكل الاقتصاد الوطني وفقاً لمنطق العلم والتخطيط المدروس، لا وفق مصالح انتخابية او دعائية رخيصة هدفها الكسب الانتخابي والبحث عن أصوات الناخبين مهما كان الثمن. بدأت خطة الكاظمي تؤتي أُكلها، وبدأ العراق يحصد ثمارها، فلأول مرة يرفد العراق خزينه النقدي باربعة مليارات دولار، وبدأت بوادر نهضة اقتصادية في قطاعات الزراعة والصناعة والتنمية الاجتماعية تظهر بعد أشهر قليلة من بدء تنفيذ جزء من الإصلاحات، لذا ينبغي ان يشد الجميع على يد هذه الحكومة وأن يتعاون معها لاصلاح الأوضاع وتحسين ظروف العراق الذي يبدو أن الأقدار بدأت تدعمه للعودة كقوة كبيرة ومعتبرة في المنطقة برمتها.
اضافة التعليق