رسالة عاجلة الى الكاظمي: زيارة البابا "هدية " الأقدار لك، وللعراق، فلا تعطهم هديتك !

بغداد- العراق اليوم:

كتب المحرر السياسي في " العراق اليوم" :

هذهِ رسالة عاجلة وواضحة لرئيس مجلس الوزراء العراقي، السيد مصطفى الكاظمي، فيها نصيحة مفتوحة نطلقها بأمانة ومسؤولية، علها تصل، وتأخذ حيزها المطلوب، لاسيما وأن الرجل يملك من السعة والاطلاع والمُتابعة الدقيقة لمجريات الخطاب الصحافي والإعلامي، ومعروف عنه الإنصات الجيد، وقراءة كل شاردة وواردة تخص البلاد.

بعد بحث دقيق، وتبحر في تاريخ الكنسية الكاثوليكية، وتاريخ البابوات الذين تعاقبوا على رئاسة الكرسي الرسولي، فأن هذا البابا الذي يحمل التسلسل الـ 266 سيحقق حلم من سبقه في الوصول الى أرض أور الكلدانيين، أرض ابي الأنبياء أبراهيم الخليل (عليه السلام)، وسينجح – ان شاء الله – في تحقيق ما اخفق فيه سلفه الأسبق، قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، الذي حاول أن يحط في هذه الأرض مطلع الألفية الثانية بعد الميلاد، الاً أن نظام صدام السابق، والظروف الدولية منعت قداسته من الوصول الى هذه الأرض المقدسة في الديانات الإبراهيمية الثلاث.

اليوم يواصل بابا الفاتيكان فرانسيس، سعيه واستعداده للوصول الى هذه الأرض، حاملاً غصن الزيتون، ومصلياً من إجل المعذبين والفقراء في هذا العالم، فما المطلوب يا دولة الرئيس؟.

المطلوب من الكاظمي، وبما أنهُ الرجل الأول في العراق، والمسؤول التنفيذي الذي يأخذ حق تمثيل البلاد، وإدارة شؤونها بموجب الدستور الدائم، والنظام النيابي، أن يترأس شخصياً - وليس غيره -  اللجنة العليا المُشرفة لإستقبال قداسة البابا،  إذ من الناحية البروتوكولية، فأن قداسته يرأس دولة الفاتيكان، ومن الناحية الدينية الاعتبارية، هو مرجع أكبر الطوائف المسيحية في العالم، لذا فأن الرئيس الكاظمي يجب ان يضطلع بهذه المسؤولية، ويقود المهمة من ألفها الى يائها، لاسيما أن الهدف المُعلن من الزيارة، هو إطلاق حوار الأديان من إجل تقارب الشعوب، وأنهاء الحروب والتقاطعات القائمة على أسس دينية، وهذا الهدف السامي والنبيل خبرناه من صلبِ اهتمامات الكاظمي، ومحور عمله لسنوات طوال، سواء عبر مشاريعه الصحافية او الثقافية..

 ان فرصة زيارة الحبر الأعظم للعراق، لن تتكرر قطعاً في أي عهد قريب، ولن يجود الزمان بمثلها، لذا فأن الكاظمي الذي منحته الأقدار هذه الهدية، بات أمام فرصة نادرة ليخط أسمه وإسم العراق بحروف مضيئة، وهو يطلق حمامة السلام في استقبال قداسته، وأمامه فرصة تاريخية لا تعوض في لفت نظر العالم بأسره الى العراق وشعبه وأرثه وحضارته وعمقه وتأثيره الثقافي والفكري، وامتداده الزمني الذي سبق ظهور العالم كله.

ما يهمنا هنا أن نشير أيضاً الى أن موسم  " التدافع والتزاحم غير المبرر" حول هذه القضية قد بدأ مبكراً للأسف، من خلال سعي بعض القادة أو النافذين الكبار، الذين يملكون مناصب متقدمة، "ووجاهية" في الدولة وبمواقع مختلفة لمحاولة استغلال هذه الزيارة لأغراض شخصية أو فئوية أو قومية، ومحاولة الالتفاف على صلاحيات رئاسة الوزراء، فالكل يعلم أن السلطة الفعلية والدبلوماسية والإنشائية حصرها الدستور الدائم برئيس مجلس الوزراء، وأن بقية الرئاسات ذات صلاحية محدودة، أو رمزية، لا تملك أي حق انشائي.

ونحن حين نقول ذلك، فإننا - وبما متوفر لدينا من معلومات. شبه مؤكدة، نستطيع القول، أن -البعض- قد بدأ يعمل فعلاً على سحب البساط من تحت أقدام الرئيس الكاظمي، وإلتهام الفرصة بكل متوفراتها وقيمتها، و( أرباحها)، دون أي حساب لما قد يفقده العراق جراء هذا النهم الشخصي، وهذا التزاحم الذي لن يحصل مثله حتى في سلطات جمهوريات الموز ..

إننا هنا نحاول أن نلفت الى أن الزيارة تكتسب أهمية عالمية تاريخية، لذا يجب أن يرانا العالم بجوهرية عراقنا المدهش الموزائيكي، وبثوبه التنوعي الباهر الجميل، وليس بالصورة الكاريكاتيرية التنافسية الهزيلة التي رأيناها في مناسبات مهمة عدة، حيث ضاع فيها الخيط والعصفور !

كما أود التذكير بأن هذه الزيارة ستكون مهمة لمسيحيي العراق ودول الشرق الأوسط القريبة، لا سيما المسيحيون العراقيون الذين غادروا وطنهم منذ عقود طوال، فهؤلاء الذين تكاد صلة بعضهم تنقطع بالعراق، تدور عيونهم اليوم تجاه بلادهم الأم، وهم يستعدون لقطع مسافات طويلة لزيارة أرضهم الأصلية، من أجل أن يحظوا بدعاء وصلوات قداسة البابا في أرض النبوات، وشخصياً نعرف عائلة مسيحية بصرية عراقية، مقيمة في لندن منذ أكثر من خمسين عاماً، بدأت الآن التحضير للحج الأعظم بالنسبة لها، حيث ستصل البلاد مع عوائل أخرى عند أقتراب موعد وصول البابا، لتنال بركات زيارته المقدسة.

ختاماً نتمنى على دولة الرئس مصطفى الكاظمي أن يعلم أن  عيون وقلوب مئات الملايين - إن لم أقل المليارات - من سكان هذا الكوكب الإنساني الجميل، ستتوجه نحو جنوب العراق، وإن ثمة إعلاماً دولياً كبيراً وواسعاً قد لا تحصيه الأرقام مهما كبرت، ولا توقفه الموانع الأمنية، أو  الجائحية، أو حتى  الأسباب المادية والفنية مهما كانت،  عن أن يكون في موقع الحدث التاريخي الكبير ليغطي هذه الإستثنائية الفريدة، وسيكون العراق من دون شك في "عين العاصفة" ، فهل سنعبر  هذا الإمتحان " القدري "بنجاح وثقة وإقتدار، فيرتفع بذلك إسما العراق، ورئيس دولته مصطفى الكاظمي نحو ذرى النجاح والتألق العالمي، أم لا سمح الله، سنفشل في أداء هذا الإمتحان الهام والحاسم، وقد تضيع هذه "الهدية" القدرية، ليس على الكاظمي وحده، إنما على العراق بكل أجياله وأديانه ومؤسساته أيضاً ؟!

 

علق هنا