هل تنجح حكومة الكاظمي في تخليص العراق من ( المرض الهولندي) الخطير؟

بغداد- العراق اليوم:

عاود البنك المركزي العراقي، نشاطه الأقتصادي مجددًا عبر ارتفاع ملحوظ في مبيعاته من الدولار الأمريكي، وأيضاً مع انخفاض ملحوظ سجلته منافذ البلاد من السلع الاقتصادية الاستهلاكية التي كانت تستنزف الكثير من موارد البلاد المالية المتأتية من ايرادات بيع الثروات الطبيعية ( النفط الخام)، ومع انخفاض اسعار الدولار المدعوم حكوميًا، وأيضاً انخفاض قيمة العملات المجاورة، جعل البلاد تغرق في بحر من الكسل والتراخي وتراجع القطاعات الصناعية والزراعية المحلية عن المنافسة، الأمر الذي شببه بعض الخبراء بأنه من علامات (المرض الهولندي) الذي يصيب البلدان التي تعتمد على مواردها الطبيعية في تمويل اقتصادها، وتهمل الاقتصاد الداخلي.

ويعود مصطلح ( المرض الهولندي) الى العام 1977 في دراسة نشرتها مجلة الايكومنست الشهيرة، عن الضرر الذي نجم عن اعتماد هولندا على الموارد الطبيعية، واهمال القطاعات الأخرى، ولعل التجربة في العراق مشابهة لهذا تمامًا، فحسب دراسة منشورة، فأن اعتماد العراق على ما يدره بيع النفط الخام بلغ في العام 2010،  اكثر من 90% في تمويل اقتصاده المحلي.

عن تداعيات هذا المرض الاقتصادي يقول الدكتور أحمد مصبح، وهو باحث اقتصادي، في دراسة منشورة له، أطلع عليها ( العراق اليوم)، أن" نجد أن معظم الدول العربية المصدرة للنفط مثل الجزائر، العراق، الكويت، والسعودية لا تنوع صادراتها وتعتمد بصورة أساسية على عائدات النفط، ناهيك عن ارتفاع معدلات البطالة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة في البلدان النفطية، بالإضافة إلى عجز الموازنة التي باتت تعاني منه معظم الدول المنتجة للنفط، حيث وصل عجز الموازنة لدى المملكة العربية للسعودية والتي تعتبر من أكبر الدول المصدرة للنفط إلى 20 في المائة في عام 2015".

ويضيف " في ظل غياب الاعتماد على القطاعات الأخرى مثل التجارة، الصناعة، الزراعة، الأسماك، وغيرها، فإن هذا الأمر يجعل أي انخفاض في أسعار النفط ينعكس مباشرة وبصورة سلبية على الموازنة، بل ويؤدي إلى خلق أزمات اقتصادية في البلاد".

ويتابع " ما حدث خلال السنوات الأخيرة من انخفاض أسعار النفط من 112 دولار للبرميل لتصل إلى 30 دولار للبرميل كان بمثابة التحدي الأصعب التي واجهته الدول المنتجة للنفط خصوصا في ظل عدم تبنيها لسياسات التنوع الاقتصادي، حيث دفع انخفاض أسعار النفط الدول المنتجة إلى تخفيض كميات الإنتاج، وهذا الأمر الذي فاقم الأزمة الاقتصادية وزاد من عجز الموازنة خصوصا في ظل محدودية مصادر الإيرادات".

ويربط الباحث، وطالب الدكتوراه، التخلص من عقدة المرض الهولندي، بضرورة اجراء اصلاحيات هيكلية في الاقتصادات المصابة بهذا الداء.

يقول في موضع أخر من دراسته " الإصلاحات ضرورة تحقيق النمو الاقتصادي بشكل متوازن في كافة القطاعات من خلال توجيه استثمارات في القطاعات الأساسية مثل الزراعة والصناعة والخدمات. وهذا الأمر يتطلب توفير مناخ استثماري ملائم بما يتضمنه من بنية تحتية متكاملة وتوفير الحماية والدعم للاستثمارات الأجنبية في القطاعات غير النفطية، تبني سياسيات الخصخصة في القطاعات الزراعية والصناعية.

إضافة إلى ذك ضرورة تخفيض سعر صرف العملة المحلية إلى الحد الذي يمكنها من زيادة القدرة التنافسية للصادرات في القطاعات غير النفطية، عن طريق الإدارة السليمة لاحتياطيات النقد الأجنبية. علاوة على ذلك يجب على الحكومات أن تتخذ إجراءات حاسمة فيما يتعلق بتعزيز الحوكمة والشفافية لما تلعبها من دور أساسي في تعزيز البيئة الاستثمارية وتحقيق النمو الاقتصادي".

ولعل هذه الاجراءات التي اشار اليها الباحث، قد وضعتها حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قيد التنفيذ الفعلي، رغم موجات الصخب والاعتراضات التي تصدر اما عن جهل، أو رغبة في تعطيل مسار الإصلاح الاقتصادي الشامل.

علق هنا