حكومة الكاظمي تدفع ضريبة سنوات سابقة

بغداد- العراق اليوم:

وجدت حكومة رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، نفسها محملة بدفع ارث سنوات سابقة، وعليها التخلص من تركة ثقيلة من الفساد والبيروقراطية وسوء الادارة، والخلافات السياسية، وعدم انتظام مسار الدولة بشكل طبيعي، بل وجدت نفسها قائمة على انقاض نظام انهار فعلاً في اكتوبر 2019، وللأسف الشديد، انهارت معهُ اجهزة كان يُفترض تحييدها عن الصراع السياسي غير الطبيعي الذي جرى.

من يقف بموقع المراقب المحايد، سيجد أن الكاظمي تسلم التركة بكل مشاكلها، وسيعرف أن الرجل يقاتل على جبهات عدة، فمع أشهر حكومته الأولى، كان الهدف الذي سعى له بكل قوة، هو منع المزيد من الانهيار، وإيقاف الاحتكاك الاجتماعي، الذي كاد ان يتحول لإقتتال داخلي – لا سمح الله- بفعل أجواء الانقسام الأهلي الذي شاع في مدن شهدت حراك اكتوبر، ومع حصول اخطاء مؤسفة اريقت بسببها الدماء، كان السيناريو اللبناني حاضرًا، ويطل برأسه بقوة، فاندفاع المجتمع للعنف كان قاب قوسين او أدنى، مع تصاعد صيحات مشبوهة بعسكرة الحراك الأهلي المطلبي، في ظل انغلاق سياسي غير مسبوق.

نجح الكاظمي في تطويق هذه النار، واخمادها بكل ما استطاع، اجراءات وطنية شاملة، معالجات سريعة، حكومة بعيدة عن الاستقطابات المعروفة، وانجاز وعود الحراك بشكل سلمي وودي وحقيقي، والدفع بإتجاه إستعادة هيبة الدولة، مع هذا كانت الأزمة الاقتصادية الطاحنة، تتفاقم في ظل سياسات غير رشيدة، و"حماقات" بيروقراطية مؤسفة جرى ارتكابها في السنوات السابقة، أو في مرحلة الحراك محاولةً للتخلص من  الضغط الشعبي في الشارع. طبعًا، لم تنجح  في حينها لكنها أثقلت الدولة باعباء مالية هائلة.

هذا مضافاً اليه الصراع الخطير الذي كانت تعيشه المنطقة المحيطة بالعراق، لاسيما الصراع الامريكي – الإيراني الذي بلغ ذروته منذ مطلع 2020، وكاد ان يحرق المنطقة بحرب عالمية ثالثة مع تيقن ترامب انه سيرحل عن دست الحكم في الولايات المتحدة الامريكية ولربما الى الأبد، فلمَ لا يترك في سجله الرئاسي حماقة اضافية كما هي حماقته في حادثة المطار الشهيرة

دفع الكاظمي بكل ثقله الاقليمي ووساطاته وعمله عبر القنوات التي يستطيع التواصل فيها عبر المنطقة الى التهدئة، ومحاولة كسب الوقت لعبور أزمة الاستقطاب الانتخابي الداخلي الامريكي، وما تلاها، ونجح الرجل بعبورها، ولو اشتعل الصراع، فأن نخيل العراق وأرض ستكون غابة مشتعلة للأسف، لأسباب يصعب حصرها، لكن هذا هو الواقع.

يواجه الكاظمي أيضاً ازمات مزمنة، ليس اقلها حالة الصراع والفوضى في شكل العلاقة السياسية والادارية بين الاتحاد والأقليم، ويسعى جاهدًا ان يخرج هذه العلاقة من شكلها السياسي الى طبيعتها الادارية الدستورية البحتة.

مهام مثل هذه وأرث من الاخطاء المتراكمة، كللها هو عودة نشاط داعش كتنظيم اجرامي في سوريا وباديتها المحاذية للعراق، وهذا مرده الى خلاف تركي – روسي- ايراني، مضافاً اليه صراع امريكي خليجي من جهة أخرى، مما يعني ان العراق سيكون عليه ان يمارس سياسة " حمائية " على الأقل لمنع انتقال هذا " الفيروس" الخطر اليه، وعودته مجددًا، لاسيما عبر سياسته الجبانة التي تعتمد الضرب في الأهداف الرخوة والهشة، وهنا تكمن أهمية المواجهة التي سيقودها الكاظمي مع فريقه الأمني الذي اجرى عليه تعديلات جوهرية وغير مسبوقة.

أن ما تقدم ليس تبريرًا للكاظمي ولا لحكومته، لكنه انصافاً للواقع، ولنعرف أن هذه التحديات الصعبة تواجهها حكومة لم تدخل شهرها السابع الى الآن، مما يعني أن جردة حساب بسيطة سنعرف انها تسير بوضوح في خارطة النجاح الذي نبتغيه شريطة ان نواصل دعمها واسنادها في مهمتها الوطنية الخالصة.

 

علق هنا