الحشد الشعبي في ظل ثلاثة رؤساء: العبادي وعبد المهدي والكاظمي .. من فيهم أنصف هذه المؤسسة أكثر من الآخرين؟

بغداد- العراق اليوم:

أذا كان ظهور الحشد الشعبي كتشكيل عسكري جماهيري، أفرزتهُ ظروف نكسة حزيران 2014، وما تلاها من إنهيار للقوات المسلحة المُكلفة انذاك بحماية المحافظات الغربية، ولهذا الموضوع بحث طويل، وأسباب ومسببات يطول شرحها او تناولها في هذه العجالة، لكن الحقيقة التي لايختلف حولها إثنان، أن هذا التشكيل الباسل أخذ استقراره العسكري والقانوني بشكل بطيء جداً، حد أنهُ بقي معرضاً للشد والجذب الطويل طوال فترة تولي حيدر العبادي الذي اقر في منتصف دورته الوزارية قانون هيئة الحشد رقم  16 لسنة 2016 الذي نظم عمل المتطوعين في المؤسسة العسكرية، حيث حاول تنظيم هذا التشكيل بما يحفظ له تضحياته ووثبته الشعبية لنجدة الدولة، وحماية النظام الديمقراطي، والتصدي للهجمات الظلامية الحاقدة.

بهذا الوعي كانت الهيئة يراد لها ان تظهر للعلن، لكن للأسف بقي الحشد كمؤسسة خاضعاً للتجاذب الحزبي، ورهنًا بالمزاجات الفصائلية تارةً، أو القرارات السريعة، بل أُبقي الحشد بعيداً في بعض الأحيان عن مهمة التحرير، ولم يشرك بما فيه الكفاية في عمليات حاسمة كمعركة تحرير الموصل، الأمر الذي ادى الى اندفاعه لتحرير بعض اجزاء نينوى انذاك.

لم يحصل الحشد على الدعم والمشروعية الكافية في زمن العبادي، ولربما كان الرجل يفكر بأن هذا التشكيل قد يرهق الموازنات الحكومية المثقلة بنفقات الحرب، ولربما أراد الرجل أن يعيد الأمور الى المؤسسة العسكرية الرسمية، وأن يوقف هذا التشكيل عند حدود مؤسسة اجتماعية خدمية، أو لربما كان يقرأ حجم المخاوف الأقليمية والداخلية من نمو هذا التشكيل العسكري الرديف للمؤسسة العسكرية، بما قد يذكر البعض بتجربة الحرس الثوري الايراني الذي يسبب حساسيات معينة في بعض دول المنطقة.

فترة عبد المهدي القلقة

ابان تولي عبد المهدي المنصب، كان الحشد الشعبي، قد تحول بجزء منه الى مؤسسة سياسية، أو على الأقل استخدم اسمه في الانتخابات النيابية التي أُجريت في 2018، وظهر كتحالف سياسي، ولم يستطع رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة انذاك، إيقاف هذا التداخل المؤذي، ومنع انزلاق الأمور الى ما لايحمد عقباه، لاسيما مع تفجر الصراع الايراني – الامريكي بقوة، وتزايد الأحتقان، وأيضاً ضعف واضح في ربط الحشد كمؤسسة مع الدولة كجهاز أداري فني وقانوني بشكل يضمن فصل وفض العلاقة الملتبسة بين هذه المؤسسة ذات الطابع العسكري، والتوظيف السياسي لها، وأيضاً تعرض الحشد الشعبي الى هجمات إعلامية منظمة من قبل انظمة خليجية ودول معادية للتجربة.

لم تفلح حكومة عبد المهدي في حماية المؤسسة الحشدية بما يكفي، بل تعرض للمرة الأولى منذ نشوئه الى هجمات جوية معادية، نفذتها الإدارة الأمريكية تارةً، أو اسرائيل تارةً أخرى، أو جهات غير معلومة كما كان يشاع، فضلاً عن عدم جدية حكومة عبد المهدي بتنفيذ امرها الديواني الذي حاول تقنين حالة الحشد ضمن جهاز وجسم الدولة بشكل أكثر وضوحاً، والأسباب واضحة على كل حال.

الحشد في زمن الكاظمي

بعد ما تعرض له الحشد الشعبي، من طعنات معادية من القوى الخارجية، وما تلا ذلك من تعدِ سافر على هيبة وسيادة العراق كما في حادث المطار، كان لابد من أتخاذ قرار حازم وسريع لتجنيب هذه المؤسسة الوطنية المزيد من الخسارات، واجهاض محاولات " شيطنتها" أو العمل الذي تقوده مؤسسات ضخمة مسلطة لتعزيز فكرة " لا عراقية الحشد "، وهنا برز الدور الوطني الذي لعبه الكاظمي بشكل حازم وحاسم في تأكيد ما يلي بالنسبة للحشد الشعبي:

-    التأكيد القاطع منذ اليوم الأول على "عراقية الحشد الشعبي"، ومشروعيته العسكرية، والتزام الدولة بأعلى قيادتها بأنها تعد هذه المؤسسة جزءاً لايتجزأ من المؤسسات الرسمية العسكرية.

-    ظهر رئيس الوزراء، القائد العام مصطفى الكاظمي، مرتدياً زي الحشد الشعبي في زيارة شهيرة الى مقره، وهو ما أعطى انطباعاً عالمياً عن كون هذه المؤسسة تتبع القيادة العسكرية الوطنية، وأن محاولات ايصال فكرة تمردها أنما هو تضليل اعلامي لا اكثر.

-    واصل الكاظمي حملات الدفاع عن الحشد الشعبي، والأهمية القصوى لوجوده رديفاً للقوات المسلحة العراقية، وأن هذا التشكيل لا يقل دوراً وأهميةً عن جهاز مكافحة الأرهاب الباسل، أو جهاز المخابرات الوطني او الأمن الوطني أو الشرطة الاتحادية..الخ.

-    خص الكاظمي الحشد الشعبي بميزة اضافية لما تقدم حينما ارتدى زي هذه المؤسسة، وأكد أنها مشروع وطني خالص، ومنها ينطلق مفهوم ومعنى السيادة الوطنية وبها ينتهي، وأن لاسبيل لأي اعتداء عليها، ولا يمكن التغاضي عن وجود أي استهداف لها.

-    نجح الكاظمي بل وقطع أشواطاً مهمة في عملية مأسسة الحشد الشعبي، ووضع اللبنات الأساسية في بناء قدراته اللوجستية والضبطية والفنية والإدارية، ويواصل القائد العام للقوات المسلحة قيادة عملية تأطير الحشد بأطر قانونية في كل تفاصيله.

-    واصل الكاظمي دعمه اللا محدود للهيئة ومنتسبيها، وحرص دائماً على وجودها بشكل واضح في مفاصل القيادة العسكرية العليا، كقيادة العمليات المشتركة، وقيادات العمليات والمفاصل الأمنية والعسكرية كافة.

-    يمضي الكاظمي في ابعاد ملف الحشد الشعبي عن التسيس المضر باستقلال هذا الجهاز، ويريد له أن لا يتعاطى أي شأن سياسي، بل هو تشكيل عسكري مساوِ لكل التشكيلات الرسمية العاملة في صفوف قواتنا الباسلة.

-    يواصل رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي رفد المؤسسات الحشدية بالأمكانات والقدرات التي يوفرها لكل قواتنا الأمنية، وأيضا ًدورات التدريب والتطوير والبناء الفني لكل الملاكات المتقدمة والوسطى.

-    الاهتمام والرعاية التامة لعوائل شهداء الحشد الشعبي، والجرحى وحفظ تضحياتهم والاعتزاز بما قدموه من إجل العراق وحريته واستقلاله وسيادته.

 

علق هنا