تعديل سعر الصرف وتحرير الدينار العراقي ..إصلاحات أثارت الشارع، لكنها طمأنت المختصين بالاقتصاد

بغداد- العراق اليوم:

ادت عمليات الدعم المستمر لقيمة الدينار العراقي، من خلال ضخ الإيرادات المالية  (بالدولار الامريكي) التي تحصل عليها وزارة المالية لقاء بيع النفط الخام على مدار الأعوام الماضية، الى أن يستنزف البنك المركزي هذه الإيرادات بشكل سريع من خلال نافذة بيع العملة عبر مزاد يومي، إذ يخسر البنك المركزي فيه ما يقارب الـ 200 مليون دولار امريكي، تذهب في الغالب لاستيراد مواد استهلاكية غير مجدية في حركة الأقتصاد التي واجهت هي الأخرى شللاً حقيقياً جراء عملية الدعم المبالغ فيه لسعر الدينار، وإرتفاعه امام الدولار، مما قوض أي فرصة لتدفق رؤوس أموال اجنبية تعمل في مجال الإستثمار، فرفع قيمة الدينار بهذه الطريقة برأينا، يرفع قيمة المدفوعات بالضرورة بالنسبة لقطاعي العمل والخدمات، مما يجعل أي مشروع إستثماري غير مجدي، مع غياب سياسات دعم المشاريع الاستتثمارية، وحماية المنتج الوطني، والفساد الجمركي والضريبي الواسع، وتدفق السلع الاستهلاكية الرديئة، والمنخفضة الكلفة، مما جعل الأسواق العراقية هدفاً لكل المورًدين الذين يحصلون على إيرادات مالية هائلة جراء غياب المنافسة، وتوسع مدفوعات الدولة للقطاع العام على شكل رواتب وإعانات وتقاعد تصل الى قرابة الـ 50 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن دورة الفساد التي تتربح جراء عمليات الإحتيال وغسيل الأموال المسروقة.

هذه الدورة المستمرة والتي تنذر بذهاب العراق الى المجهول قريباً، كانت تواجه بأصوات  من نواب ونخب اقتصادية مختصة لإيقافها دون جدوى، بسبب عوامل " شعبوية " في الغالب، وعدم جرأة الفاعل السياسي لمناقشة موضوعة الأقتصاد التي يرى البعض انها قد تتسبب له بخسائر انتخابية ان أصطدم بأرادة الشارع او قوته كما يدعي البعض!.

مؤخراً استجابت حكومة الكاظمي لهذا التحدي، مع بلوغ الأزمة المالية أشدها، ومع وصول العراق الى حافة الهاوية، أثر انهيار اسعار النفط الخام، ووصول الإحتياطي النقدي في البلاد لمستويات مخيفة، مما يعني أن المواجهة يجب أن تبدأ، وبالفعل بدأت بإجراء تحرير سعر الدينار جزئياً، وبطريقة موجهة ومسيطر عليها، وأعادته لسعر مرضي نوعاً ما، وأن كان لا يزال مرتفعاً، لكنه إصلاح أولي، وبحاجة الى أن يعزز بإجراءات أخرى كي يجني الأقتصاد الفائدة المرجوة منه.

وقد لاقى هذا التوجه ترحيباً لدى نخب اقتصادية وأيضاً نواب وعارفين على الرغم من حملات التأجيج التي لا تزال تقوم بها جهات سياسية منافسة تارةً، أو المستفيدين من مزاد العملة تارةً أخرى، في هذا الصدد يعلق الخبير حميد الكفائي بالقول " لقد طالبت مرات عدة بخفض قيمة الدينار المرتفعة من أجل تحفيز الاقتصاد الوطني على الإنتاج، والذي سيقود إلى تنويع مصادر الدخل والحد من الممارسات الفاسدة المبنية على استحصال العمولات من الشركات المستوردة للبضائع والسلع. وكانت آخر مطالبة ضمن محاضرة في جامعة لندن قبل عامين تقريبا، وقد بعثت بتسجيلها إلى الأستاذ علي علاوي وزير المالية الحالي، الذي كان حينها مرشحا لمنصب محافظ البنك المركزي. وقد رد الأستاذ علاوي قائلا إن كل ما قلته في المحاضرة صحيح، وإن مزاد العملة يحتاج إلى مراجعة وإن الاقتصاد لن يتعافى إن استمرت الأوضاع على هذا المنوال.

ويضيف " أخيرا قررت وزارة المالية، تحت ضغط السوق، خفض قيمة الدينار إلى 1450 دينار مقابل الدولار في موازنة عام 2021، وتبعها البنك المركزي الذي رفع سعر الدولار إلى 1460 دينار، بينما حدد سعر الدولار للبنوك التجارية بـ 1470 دينار. إن خفض قيمة العملة إجراء في الاتجاه الصحيح ومن شأنه أن يساهم في تحسين الإنتاج الوطني وتقليص الأضرار الناتجة من تهريب العملة، ومساعدة الحكومة في دفع رواتب موظفيها، إذ يقلص حاجتها إلى الاقتراض، لكن الخطورة تكمن في أن القوة الشرائية للدينار سوف تتدنى محليا أيضا، وسوف ترتفع أسعار المواد المستوردة، بنسبة تقارب نسبة التخفيض وهي 18% حاليا".

جدول يبين الإيراد النفطي وكمية المباع، ويبين سعر الصرف السابق والمدعوم

جدول يظهر ارتفاع الدين العام بمعنى ان حكومة الكاظمي تواجه دين يصل الى 70 مليار

 

 

 

علق هنا