قراءة في روزنامة الكاتب العراقي حمزة مصطفى .. مقال يتحدث عن ( سنة ) 2020 بكل ( جوائحها) !

بغداد- العراق اليوم:

عام يرحل, سنة باقية

حمزة مصطفى

 عند نشر هذا المقال في موعده (اليوم الأربعاء) يكون عام 2020 يلملم بحزن وكآبة آخر "جويلاته" مسجلا إسمه في روزنامة الزمن عاما راحلا. الروزنامة نفسها أضافت لكل واحد منا سنة جديدة. العرب يفرقون بين العام والسنة. العام  يمثل الرخاء بينما تمثل السنة الشدة والجدب. في القران الكريم وردت مفردة سنة في سبعة مواضع بينما وردت في صيغة الجمع في 12 موضعا, بينما ذكرت كلمة عام بصيغة المفرد فقط في سبعة مواضع, ولهذا دلالته.

  من أهم تلك الدلالات أن أعوام الخير قليلة بينما سنوات الشدة هي الأكثر. فالعرب تقول عام الفيل لاسنة الفيل. ففي ذلك العام هزم أبرهة الحبشي الذي جاء بجيش من الفيلة لغزو الكعبة. وفي سورة يوسف فرق سبحانه وتعالى بين السنين والعام. فلقد جاء "تزرعون سبع سنين دأبا" للدلالة على الجدب والعمل الشاق, ثم يأتي الفرج عبر قوله تعالى "ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس". حتى النبي نوح لبث في قومه " الف سنة الإ خمسين عاما" وهو مايعني إنه عانى في قومه 950 سنة من الشدة والتعب مقابل 50 عاما من الرخاء.

 قبل عام يفترض إننا دخلنا عاما جديدا حجز إسما له في دورة  الزمن (عام 2020). في الإستخدام الشعبي اليومي لانفرق بين عام وسنة. فنقول كل عام وأنت بخير, أو كل سنة وأنت طيب لأننا نحسن الظن بالزمن وتحولاته الإ مايتوقع حدوثه    من مفاجآت أفراحا كانت أم أتراحا. جاءت المفاجأة من الصين. مرض غامض سرعان ماتحول الى وباء ومن ثم جائحة. قضي الأمر ووقعت الواقعة ووقع الفأس برأس 6 مليارات إنسان. لم نعد ننظر الى الصين على إنها طريق الحرير بل طريق الزفت بعد أن وقعنا تحت أسر فايروس دخل رئاتنا تحت إسم كوفيد 19. فرحل منا من رحل وقاوم منا من قاوم وفلت منا من فلت بإنتظار اللقاح فايزر أو سواه.

أعلنت البشرية جمعا نهاية حلول الأرض وولى الجميع وجوههم الى السماء بإنتظار حلولها التي لاتأتي على طبق من توقعات ونبوءات بقدر ماتأتي عن طريق المختبرات التي لا "ليلها ليل ولا نهارها نهار" طوال تسعة شهور حتى بان الفرج. لكن ما أن ظهر ضوء في نهاية نفق العام الموشك على الرحيل حتى ظهر أن الكوفيد حامل. وبالفعل بعد تسعة شهور (الكوفيد أكمل دورة الحمل ورفض أن يأتي سبيعيا) ولد كوفيد 20 باحثا عن ضحايا جدد حيث مازالت بعض الدول التي كنا نحسدها تسجل يوميا عشرات الآف الحالات من الكوفيدين الأب والإبن.

وبينما بتنا نرى الساسة والزعماء وهم يفتحون قمصانهم لتلقي اللقاح الذي مازال محفوفا بالمحاذير خشية أن يكون قد تم سلقه خصوصا أن اللقاحات تستغرق سنوات لاتقل عن خمسا لا تسعة شهور فقط, فإن الأمل واليأس يتشاركان أحلامنا نهاية مايفترض إنه عام وإذا به سنة بكل ماتعنيه من تعاسة وشبه يأس. ففيما يودعنا غدا عام 2020 فإن سنة 2020 باقية وتتمدد. الكوفيدان قضيا بتأجيل عام 2021 حتى .. آمل أخر.

علق هنا