بغداد- العراق اليوم: اغتيال القنبلة النووية نبيه البرجي ربما كان التوصيف الأكثر دقة , والأكثر واقعية , للضربة التي حصلت في احدى ضواحي طهران : اغتيال القنبلة النووية الايرانية ! لو بقي محسن فخري زادة على قيد الحياة لحمل , فعلاً , لقب "أبو القنبلة الايرانية" . بكل المعايير العلمية , والعملانية , كان صاحب الدماغ الاستثنائي في الفيزياء النووية . وفقاً لما كان متداولاً حول نظرياته , وانجازاته , لم يكن يقل شأناً عن الثلاثي النووي اليهودي الشهير (ألبرت اينشتاين , روبرت أوبنهايمر , ادوارد تيلر) . هكذا مثلما كان روبرت أوبنهايمر أبا القنبلة الأميركية , وايغور خرشاتوف , أبا القنبلة الروسية , وبيار ـ ماري كالوا , أبا القنبلة الفرنسية , وارنست ديفيد بيرغمان , أبا القنبلة الاسرائيلية , وعبد القدير خان , أبا القنبلة الباكستانية , و أبو بكر زين العابدبن عبد الكلام , أبا القنبلة الهندية . كيف يمكن أن تقتصر حماية شخصية بهذه الأهمية بأربعة مرافقين , دون أن تتخذ احتياطات أخرى , خصوصاً بعد اتهام ايران الموساد بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات التي طاولت خبراء في البرنامج النووي , اضافة الى الوقوف وراء الحرائق , والانفجارات , التي حدثت هذه السنة على الأرض الايرانية ؟ أي جدوى من التهديد , والوعيد , في الوقت الحاضر ؟ بنيامين نتنياهو , ولدى اعلانه عن الاستيلاء على أرشيف البرنامج النووي الايراني , في عملية استخباراتية بالغة التعقيد , قال "اذكروا هذا الاسم ... محسن فخري زادة" . ألم يكن ذلك بمثابة انذار بأن الموساد سيلاحقه من أجل انهاء حياته بطريقة ما ؟ أكثر من اي وقت مضى , القيادات الايرانية بحاجة الى أعصاب حائكي السجاد . ثمة كوكتيل من أجهزة الاستخبارات لتفجير أعصاب آيات الله والقيام بعملية ثأرية ضد اسرائيل يعقبها تدخل أميركي , مع ما يعني ذلك من قطع الطريق أمام جو بايدن , واعادة "عقلنة" السياسات الأميركية في الشرق الأوسط , ولو بالحد الأدنى . اللافت هنا أن ما من جهاز استخبارات عربي , أو غير عربي , تمكّن , وعلى امتداد أكثر من ستة عقود , من اختراق الجدار النووي الاسرائيلي . وحين قرر الرئيس جون كنيدي ايفاد بعثة للتفتيش على البرنامج النووي الاسرائيلي , اغتيل على يد لي هارفي أوزوالد الذي ما لبث أن لقي حتفه برصاص جاك روبي في مركز الشرطة في دالاس , لتتكدس ملايين الأوراق أمام لجنة وارن , دون معرفة الجهة التي خططت للاغتيال . الظروف الآن أكثر خطورة من الظروف التي شهدت اغتيال قاسم سليماني . الايرانيون الذين يعلمون الى أين يريد دونالد ترامب الوصول بالصراع من أجل تهريب "صفقة القرن" , اكتفوا باطلاق رشقات من الصواريخ في اتجاه قاعدة "عين الأسد" في العراق . لم يسقط أي جندي أميركي , لكن البنتاغون أخذ علماً بمدى دقة , وفاعلية , صواريخ آيات الله , وتأثير ذلك على الوجود العسكري الأميركي في المنطقة . لامجال للفصل بين تكثيف الغارات الاسرائيلية على أهداف محددة في سوريا من أجل استثارة الايرانيين ودفعهم الى ردة فعل ما , وبين اغتيال فخري زادة . سيناريو ببدائل متعددة من أجل تفجير المسرح قبل أن يغادر دونالد ترمب البيت الأبيض وحلول جو بايدن محله . الغاية جلية الى أبعد الحدود , وضع الرئيس الجديد أمام واقع استراتيجي لا يستطيع معه الا المواجهة مع ايران , والحؤول دون اعادة احياء اتفاق فيينأ . اغتيال فخري زادة هز , في العمق , المجتمع الايراني بأسره . اصحاب الرؤوس الحامية يرون أن اسرائيل ذهبت بعيداً في التحدي , واسقطت كل الخطوط الحمراء . الدعوة الى الثأر والى أن يدفع الاسرائيليون الثمن . الثمن هو عدم السقوط في الفخ . الأسابيع المتبقية من ولاية دونالد ترامب قد تشهد أحداثاً دراماتيكية فائقة الحساسية . هذا وقت الرؤوس الباردة . الكلمة الفصل للعقل والتعقل . أولوية الأولويات , بالنسبة للايرانيين , ضرورة معالجة الثغرات الأمنية الخطيرة كي لايصول الموساد ويجول فوق أرضهم ...
*
اضافة التعليق