بين السياسي وإبن عريبي

بغداد- العراق اليوم:

هادي جلو مرعي

يأخذنا الجدل العقيم الى مديات بعيدة في التنازع، وتغليب التصورات الخاصة بنا عن رمزية الإشخاص والأمكنة، فليس الرمز هو الرجل، أو المرأة وحسب بفعل سلوك ما، أو إثر خالد أنجزاه في زمن ما، فالمكان رمز، ولكن رمزية الأشخاص غالبة لأنهم يتركون أثرهم في سجلات أمثالهم من البشر، في قلوبهم وعقولهم ومدوناتهم، سواء على الحجر، أو الورق، أو الكمبيوتر، والرمزية لاتبقى جامدة، بل تتطور مع تطاول الٱزمنة، وتغير الناس، ومرور الحضارات بفترات تحول كبرى.

الرمز في السياسة غيره في الدين والرياضة والفن، وليس كل سياسي رمزا، وليس كل رجل دين، وليس كل فنان، ولاكل رياضي هو رمز مالم يترك أثرا يتفق عليه فئة غالبة من الناس وإن رفضته فئات أخرى، فالرمز قد لايكون رمزا عند غير الفئة التي تؤمن به، وتدافع عنه، وتخلده، فهناك سياسي، أو رجل دين، أو فنان هو رمز في بلده وعند فئات من المؤمنين به، ولكنه منبوذ عند طائفة أخرى، وغير محبوب، وقد يتصورونه رمزا للشر والجحود والعدوانية.

إبن عريبي ليس سياسيا، هو رجل أعمال ناجح وطيب لم يخالط نفسه الغرور، ولم ينتزعه الكبرياء الفارغ من إنسانيته وإلتصاقه بالمحرومين، وقرر أنه ليس طامعا في شيء، وإنه ليس راغبا في السياسة، ولاالمناصب، وتستهويه فكرة العطاء والنظر في شؤون من هم بحاجة فعلية له، وليس الطامعون في شيء.  فإنحاز الى الفقراء، وبدلا من التصريحات في وسائل الإعلام ومحاولة الوقوف في الضوء الذي تسلطه كاميرات الصحفيين، وبدلا من بحثه عن مقعد في البرلمان وجد إن أفضل مقعد هو في برلمان قلوب الناس الذين يتمنون أن يمارسوا حياتهم بطريقة هادئة فتجد إبن عريبي يبني المدارس، ويصرف مليارات الدنانير، ويسهل حياة الفقراء، وأبناء الفئات المحرومة، ولم يستجلب كاميرا، ولم يجمع الناس ليتظاهروا بالفرح والسرور، فكان انموذجا واعيا، ورمزا للشجاعة في الإنفاق ،ولم يعترف بمقولة أن رأس المال جبان.  ولماذا يكون جبانا إذا كان صاحب المال شجاعا وكريما ومعطاءا؟

علق هنا