الحلقة السادسة .. هل كانت الطريق معبدة امام الكاظمي للوصول الى رئاسة الحكومة ؟

بغداد- العراق اليوم:

إستكمالاً لما أشرنا اليه في الحلقة الماضية، فأن الكاظمي لم يمهد لنفسه لرئاسة الحكومة الحالية، الحكومة الانتقالية التي توصف بأنها المخرج من الأزمة الخانقة التي عصفت بالبلاد، سوى " بإستقلاليته التامة، وأيضاً الأعتدال والوسطية التي عُرفت عنه، فضلاً عن نجاحه في إدارة أهم مفصل أمني عراقي خلال اربعة اعوام حقق فيها جهاز المخابرات الوطني العراقي تحت اشرافه دون شك نجاحات مهمة، وعمل كجهاز اختصاصي محترف، وأستطاع الرجل ابعاده عن التسيس الذي شاب الكثير من المؤسسات الأخرى، فضلاً عن كونه شخصية ذات باع في فن الحوار والتفاوض والعمل الدبلوماسي والمعلوماتي، متوفراً ايضاً على سيرة وطنية طيبة في مواجهة حكم الديكتاتورية البعثية المقيتة".

هذه المواصفات والمؤهلات كانت محط انظار القادة السياسيين في العراق، خصوصاً ممن كانوا يرون الى أي مدى تعقد الوضع في البلاد، وكيف سيتحول العنت السياسي والاصرار على رفض سماع صوت الشارع الغاضب والمحتج الى برميل بارود كارثي سيهدم المعبد على رؤوس الكهنة بأجمعهم، فكان خيارهم الأسلم ان ينحنوا للعاصفة ريثما تمر، أو لربما ان يعتادوا الوضع الذي ستتركه، خصوصاً ان إنتخابات مبكرة قد تؤدي الى خسارة قوى تقليدية، وفرز قوى سياسية ناشئة، وتغيير جذري في قواعد اللعبة المبنية على الثلاثي المعروف  (كرد – سنة – شيعة)، وقد تفرز الساحات قيادة تتجاوز هذه التقسيمات الضيقة انطلاقاً الى فضاء وطني واسع، يتشكل طيف أخر، قد يستطيع أن يقود البلاد الى الخلاص من كبواتها المتلاحقة".

بهذه الظروف الموضوعية الضاغطة، أُنتجت حكومة مصطفى الكاظمي، التي تعد الثامنة بعد حكومتي علاوي والجعفري الانتقاليتين، وحكومتي المالكي الأثنين، وحكومة حيدر العبادي، وحكومة عبد المهدي المُستقيلة، ولو نظرنا الى تشكيل هذه الحكومات المتعاقبة سنلحظ ان تغييراً جذرياً هائلاً في قواعد اللعبة قد حدث خصوصاً بعد تشكيل حكومة المالكي الثانية 2010، اذ حدث انفصال عميق بين الشارع والطبقة السياسية التي فضلت أرضاء طموحها الحزبي والطائفي والقومي انذاك على سماع صوت الشارع الذي شعر بالإحباط، وبدأ يتلمس معالم الفشل جليةً في وجه المشروع السياسي الذي صار يتعثر اكثر من أي وقت مضى".

ان شعور الشارع بالإحباط وعدم الجدوى من المشاركة في الانتخابات، كان سبباً في أزدياد حالة الاحتقان الشعبي، وظهور حركات الاحتجاج السلمي على الأقل منذ 2011، وتصاعدها وصولاً الى لحظة تشرين 2019 الفاصلة التي أسست لواقع جديد، وأدخلت اللاعب الشعبي، كلاعب رئيس وجديد يغير معادلات السلطة، ويؤسس لدوره الفاعل في فرض ما يراه على القوى السياسية الممسكة بخناق الدولة، وهنا فقط يمكن أن نؤشر الى ولادة حكومة انتقالية، هي خيار الشعب، لا خيار كتل ولا قوى اقليمية أو خارجية، وهي واحدة من ثمار التحول السياسي الذي اثمرت عنه تشرين، ولا يزال الأمر مستمراً لحين إستكمال أعادة تحرير العملية السياسية من الطبقة المتحكمة بها بإستخدام أساليب ديماغوجية .. وللحديث صلة..

علق هنا