بغداد- العراق اليوم: يحاول البعض أن يجتزئ المشهد، ويبدأ من اللحظة الراهنة بتداعياتها، ويريد أن يصدر هذا المشهد كأنه وليد الراهن، مغفلاً عن عمد أو جهل مسببات هذا المشهد، وخلفيته المؤسسة له، لذا فإن الإعلام بوصفه الوسيلة الأكثر أهميةً في عملية رسم ملامح المشهد السياسي او الاجتماعي يظل يدور في فراغ هائل مالم يكن موضوعياً، ويطرح القضايا والأزمات من وجهة نظر محايدة. فمثلاً، يريد البعض ان يعلق كوارث زمن عراقي رديء للأسف، وأزمات تمتد الى ما قبل حتى عام 2003 برقبة حكومة لا يتعدى عمرها الـ 170 يوماً، ويريد منها أن تخرق الجبال، وان تجتاز محيطات الخراب الواسعة التي تركتها سياسات الأرتجال، ومفاهيم التغانم، وعمليات الإفساد الممنهج، وحركات الهدم الفعال التي قامت بها القوى المضادة لمفهوم الدولة التي ترى أن وجودها مرهون بغياب الدولة بالضرورة. لذا فأن عملية التقييم أو المحاكمة الموضوعية لأي حكومة لا ينبغي لها أن تتم دون الإحاطة الشاملة بظروف الواقع، وتاريخه الذي أسسه وكونه بهذا المشهد. فحكومة الكاظمي التي تواجه أزمة سيولة هائلة، وتحاول ان تعبر الى المحطة الوسط بين افلاس الدولة، والمجاعة، وبين الغرق في الدين العام الذي سيعني عجز الدولة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية، لم تكن على أي حال هي المسبب لهذا الارتباك غير المسؤول الذي اوجدته سياسات انفاق غير رشيدة، وسوء تخطيط، وأنعدام رؤية، وقصدية واضح في الإجهاز على قطاعات الصناعة والزراعة، وتحويل البلاد لمستورد كبير في منطقة فتحت اسواقها له، وبدأت أقتصاداتها تنتعش على حسابه، فأفرغت الخزائن وذهبت الريوع النفطية المليارية الى خزائن تلك البلدان، فهل يتحمل الكاظمي وحكومته، تفكيك اكثر من 10 آلاف معمل صغير ومتوسط وكبير في وزارة الصناعة، وإيقاف 73 شركة عملاقة من شركات الدولة التي تحولت الى دور رعاية اجتماعية، تدفع مليارات الدنانير لمنتسبين لا يؤدون في الغالب اي عمل، ولا ينتجون أي شيء. هل حكومة الكاظمي مسؤولة عن القفز بموظفي القطاع العام من قرابة 800 الف عام 2003 الى اكثر من 3 مليون موظف لا يؤدون ايضاً أي عمل منتج يسهم في بناء اقتصاد وطني حقيقي. وهل حكومة الكاظمي مسؤولة عن تحويل فئات واسعة من الشعب الى قوى مُعطلة، فتضطر الدولة الى دفع مليارات شهرياً لها من إجل ضمان الحد الأدنى لها من العيش. وهل حكومة الكاظمي مسؤولة عن الفساد الذي ضرب اطنابه في مفاصل الدولة ووزارتها ومؤسساتها، وأستهلك خزائن البلاد، حتى أن التقديرات التي تنشرها اللجنة المالية في مجلس النواب تشير الى وجود اكثر من 6 آلاف مشروع وهمي في البلاد، أستهلك ترليونات من الدنانير؟. أن قراءة محايدة لواقع الأزمة المالية الجارية، ستكشف بما لا يقبل التأويل ان الحكومة الحالية وريثة اضطرارياً لحكومات رسخت الفساد والمحسوبية والدمار، فهل يتحمل الوريث المسؤولية عما ورث بقوة الأمر الواقع؟. وللحديث صلة بالتأكيد.
*
اضافة التعليق