الطالب محمد ريكان الحلبوسي يعيد عقارب ساعة المستنصرية للدوران بعد عقدين من التوقف الاضطراري متبرعاً برواتبه وجميع مخصصاته ..

بغداد- العراق اليوم:

هي واحدة من أعرق ساعات بغداد، التي عرفتها العاصمة العريقة، شاخصاً، وتحفةً فنية، نُصبت مع إنشاء الجامعة المستنصرية في العام 1963، وقُدمت كهدية من مؤسسة كولبنكيان التي تولت تنفيذ عدة مشاريع في بغداد، في ستينيات القرن الماضي، من بينها هذه الجامعة التي تمتد عمقاً الى عصر النهضة والمعرفة التي شهدتها بغداد الأزل، بغداد التأريخ والحضارة.

بعد 2003، توقفت عقارب ساعة الجامعة المستنصرية عن الدوران، بعد أن أهملت كما أهملت كل البُنى التحتية بسبب فساد الحكومات المتعاقبة، وعمليات الإرهاب وغيرها من المسببات الكارثية.

وعلى الرغم من إنفاق مليارات الدولارات على قطاع التعليم العالي، وتطوير الإبنية وانشاء الكليات والجامعات، الا أن هذه الساعة الشاخصة بقيت مهملة، وكأنما توقف الزمن العراقي بتوقفها، ولم يعد طلبة الجامعة وأستاذتها، يتطلعون اليها، ليعرفوا زمن بغداد الثمين، وكيف تحسبهُ هذه الساعة التي كانت شاهدة على عقود من التحولات السياسية والاجتماعية، حيث كانت الجامعة المستنصرية مرجلاً للتغييرات وحتى التجاذبات والصراعات الفكرية المحتدمة.

نقول، على الرغم من هذه المليارات الكبيرة والكثيرة، الا أن هذه الساعة بقيت تنتظر  من يمد لها يده لتعود لها الحياة، وتنطلق منها لحظة الزمن الجديد في رحاب العلم والمعرفة والحضارة، وبالفعل، وجدت هذه الساعة اليد الحانية، واللمسة الوفية، من لدن أحد أبناء هذه الجامعة، وأحد الذين ثنوا اقدامهم في مدارجها العلمية، ألا وهو رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي الذي تخرج من المستنصرية مهندساً عراقياً واعداً.

نعم، فقد تبرع الرئيس الحلبوسي بقيمة الصيانة التي سيتولاها مختصون في هذا المجال، وبكلفة قدرت في البدء ب 80 مليون دينار عراقي،  لكن وبحرص وتدبير من رئيس الجامعة وبالإعتماد على الكوادر المحلية تم تقليص المبلغ الى 16 مليون دينار ، لكنه ظل مكلفاً على الجامعة ، وهنا إنبرى (الطالب) محمد ريكان حديد الحلبوسي متبرعاً بكامل رواتبه  لأشهر معدودة ، من إجل تنفيذ هذا المشروع الحيوي والحضاري.

ومنذ ان تبرع الرجل بهذا المبلغ، بدأت يد الصيانة والتأهيل تمتد لتعيد هذه الساعة للحياة مجدداً، وليسمع الطلبة ومن يمر من أبواب هذا الصرح دقاتها، ويسمع حركة أميالها، وهي تحكي قصة زمن الوفاء الجديد الذي اعادها للدوران.

 

 

 

 

علق هنا