الأحزاب الكبيرة بين مطرقة الوقوف ضد توجيهات (النجف) في إجراء الإنتخابات المبكرة، وبين سندان فشلها بالحصول على ذات المقاعد!

بغداد- العراق اليوم:

الانتخابات المبكرة: الكلّ (لا) يريدها

الأحزاب والتيارات السياسية العراقية الكبيرة في ورطة حقيقية، فهي واقعة بين مطرقة توجيهات مرجعية النجف بضرورة ولزوم إجراء الإنتخابات المبكرة، وبين سندان فشلها الحتمي في الحصول على ذات المقاعد، ونيل ذات المكاسب الوفيرة التي تمتعت بها بعد الإنتخابات الماضية، لاسيما وهي تعلم جيداً حجم التغيير في مزاج الشارع الإنتخابي العراقي، وتحوله ضدها - والامر لا يخص الشارع الشيعي والقوى الشيعية وحدها، إنما يشمل الشارع السني وقواه السياسي أيضا، با ويشمل حتى القوى الكردية الكبيرة-

لقد بات الجميع يعلم بالموعد الذي حدده رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي للإنتخابات التشريعية المبكرة وهو يوم السادس من حزيران/ من العام المقبل. وهو موعدٌ بات يُشكّك كثيرون في إمكانية الالتزام به، معتبرين أن «تأجيلاً يلوح في الأفق»، وأن الانتخابات قد لا تُجرى قبيل أواخر العام المقبل. وإلى أبعد من ذلك يذهب آخرون بقولهم إن الموعد الدوري للانتخابات التشريعية (أيار/  2022) هو «الثابت» وما النقاشات الدائرة إلّا «قنابل دخانية، وشراء للوقت».

فهؤلاء وهم طيف واسع من الأحزاب والقوى السياسية، يعتبرون أن لا نية لكسر «كلمة النجف»، التي دعت المرجعية الدينية فيها (آية الله السيد علي السيستاني) إلى إجراء انتخابات مبكرة (كانون الأول/  2019)، مُحرِجةً بدعوتها تلك لحكومة عادل عبد المهدي، والأحزاب التي كانت خرجت لتوّها من انتصار سياسي في انتخابات أيار/ 2018. وعليه، يبدو أن معظم الفرقاء السياسيين يريدون الحفاظ على التركيبة الحالية، ولكن من دون مخالفة توجيهات المرجعية، وذلك بإظهار الجدّية في استكمال التحضيرات اللازمة لانتخاباتٍ يُراد منها تغيير هذه التركيبة، التي جُلّها من الأحزاب الإسلامية، وإفساح المجال أمام وجوه شبابية «مستقلّة».

هكذا، أُنجزت المرحلة الأولى من التحضيرات، بإقرار قانون انتخابي جديد (كانون الأول/  2019). لكن في الوقت نفسه، أُجّل خلاف عميق إلى المرحلة الثانية؛ كون حسمه ربّما يؤدي إلى خسارة مكتسبات سبق وأن حُصّلت استناداً إلى شكل الدوائر الانتخابية وآلية احتساب الأصوات. هذا الأخذ والردّ، المتوقّع أن يطول، قد يكون السبب الأبرز للتأجيل، خصوصاً أن تمام المرحلة الثالثة (التحضيرات اللوجستية، وتنسيق الجهد مع الأمم المتحدة المعنيّة - بطلب عراقي - بالإشراف على الانتخابات المرتقبة) مرتبط بشكل مباشر بإنجاز المرحلة الثانية.

يستند هذا السيناريو إلى شيوع اعتقاد باستحالة اتفاق الأحزاب والقوى السياسية، حالياً، على آلية رسم الدوائر واحتساب الأصوات، نظراً إلى تمسّك معظمها بمكتسبات الانتخابات الأخيرة، وخوف بعضها من خسارة عدد من مقاعدها، فضلاً عن إظهار الكاظمي في صورة العاجز عن تنفيذ وعوده، وذلك في محاولة لتقليص حظوظه في الظفر بولاية ثانية.

على أيّ حال، يبدو أن ثمّة مكابرة لدى الطبقة الحاكمة في الاعتراف بفشلها في تحقيق أيّ إنجاز طوال الأعوام الـ17 الماضية، ومعاندةً لحقيقة الحاجة إلى بديل من العملية السياسية الحالية، والتي باتت في حالة موت سريري، كما يرى كثيرون

 

 

علق هنا