الكاظمي في العواصم الأوربية.. البحث عن حلفاء جدد، أم محاولة لتقليص نفوذ الفاعلين الكبار في العراق؟

بغداد- العراق اليوم:

يرسم محللون وخبراء استراتيجيون عدة ملامح لزيارة رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الى ابرز العواصم الأوربية، بعد جولتين سابقتين، شملتا العاصمة الإيرانية طهران، والعاصمة الأمريكية، واشنطن، مما يعني أن الرجل يريد أن يضيف بعداً  أخر لشكل العلاقات الخارجية العراقية مع العالم والمحيط، بعيداً عن " الانحشار" في ثنائيات واستقطابات حادة، ويريد أيضاً ان يبني حلفاً عابراً للواقع المعاش، وأن يعيد تعريف المصلحة العراقية وفقاً للحاجة الحقيقية، لا وفقاً لما هو موجود، أو إنصياعاً لسياسة الأمر الواقع.

ويشير الخبراء الى أن " الزيارة الى فرنسا، والمانيا وبريطانيا اخيراً، كانت تشير الى أن العراق يتطلع الى شراكة الأقوياء، أو الدخول في توازن ستراتيجي بين حلفيه المتضادين (ايران والولايات المتحدة)، اللذين يضران احياناً بصراعهما، مصالح حليفهما العراق، لذا فأن الأخير يبحث عن حلفاء أقوياء يكونون قادرين على الايفاء بالتزاماتهم، وأن يدخلوا السوق العراقية باستثمارات حقيقية، وأن يدعموا الأقتصاد العراقي الذي يريد انعاشاً عاجلاً بعد هزات الركود والجمود، والوصول الى حافات خطرة نتيجةً لسياسات التوظيف غير المدروسة، وسياسات الأنفاق غير المرشدة، وسياسات الدعم غير المقننة، والدخول في التزامات قديمة غير مجدية.

ولفتوا الى أن " العراق بحركته الدولية الأخيرة هذه، فأنه نجح في تحريك المياه الراكدة، وأعادة بلورة حراك اوربي مشترك في نقطة واحدة، اذ الدول الثلاث التي زارها الكاظمي، لها تقريباً أهداف استراتيجية موحدة أو متقاربة، فهي من الجانب الأمني اعضاء في التحالف الدولي الذي تشكل بقوة لمحاربة تنظيم داعش الأرهابي 2014، وتحرص على أستمرار التعاون مع رأس هذا التحالف، وهو العراق، لاسيما فيما يتعلق بملف المقاتلين الأجانب الذين يحملون جنسياتها، وأيضاً فإن هذه الدول مجتمعة تبحث عن موطئ قدم في الأقتصاد العراقي الواعد، رغم ظروفه الصعبة حالياً، ولذا فهي لا تريد أن تخسر العراق للأبد، خاصة وإن العراق يمثل نقطة التقاء محورية بين الشرق برمته والغرب، وصلة الوصل مع ايران وتركيا من جهة والخليج وطرق التجارة الجديدة من جهة أخرى، لذلك تجدها حريصة على الإستفادة من علاقات راسخة وقوية معه".

كما أن " الكاظمي كرئيس وزراء عراقي مستقل خارج منظومات الاستقطابات والمعسكرات الداخلية المعروفة -والحديث لم يزل للمحللين والخبراء الستراتيجيين - يحظى بثقة الأوربيين، وأهتمامهم، وهذا ما لاحظه الجميع، بدءاً من الحفاوة العالية، والاستقبال الرفيع الذي قوبل به، لاسيما في بريطانيا حيث أفرد له ولي العهد الأمير تشارلز استقبالاً ملكياً، مع أن ولي العهد يستقبل في العادة نظرائه في الدول الملكية، او ملوك او رؤساء دول، لكنه استقبل رئيس الحكومة العراقية في دلالة على أهمية ومكانة الشخصية الزائرة، ومحورية دورها وتأثيرها في القرار الداخلي لبلادها، وهذه ايضاً لا تغيب عن نظر المتابع الذي يعرف أن لا مجاملات، ولا اعتباطية في مثل هذه الأمور البروتوكولية الدولية".

وأشاروا الى أن " الزيارة الأوربية قد حققت اكثر من المتوقع، حتى مع حملات التشويش التي تطالها، أو محاولة وصفها بأنها اكتفت بتوقيع مذكرات تفاهم أو بروتوكولات تعاون مشترك، فهذه هي الصيغة القانونية لمثل هذه التعاقدات، وفي العادة يقود رؤساء الدول المفاوضات الكلية ويتركون التفصيل والتفاصيل اللاحقة للجهات الفنية الاختصاصية ولكن الكاظمي تجاوز احياناً هذه، فدخل في التفاصيل تطميناً منه للأوربيين وشركاتهم، والتزاماً منه بتسهيل عملها والمضي في توفير البيئة المناسبة لها وحمايتها، لاسيما بعد أن احدث الإعلام العربي والدولي اضراراً بالغة في سمعة العراق وقوة التزامه الدولي بحماية الاستثمار الاجنبي لديه.

ختاماً، يعيد المحللون سؤالاً قاله وردده غيرهم كثيراً:

- هل نجحت زيارة الكاظمي الى عواصم اوربا الكبيرة، وهل حققت أهدافها المعلنة؟

الجواب:

- نعم نجحت وحققت أهدافها، بناء

على المعطيات والوقائع المذكورة.

علق هنا