متى تنتهي لعبة شد الحبل بين الحكومة والبرلمان، ومتى تحل عقدة: الرواتب من الأقتراض، أم الأقترض من الرواتب ؟!

بغداد- العراق اليوم:

مضى اكثر من نصف شهر تقريباً على موعد صرف معاشات الموظفين في العراق، ولا يزال الجدل يدور بين مجلس النواب من جهة، ووزارة المالية التي أمتنعت عن صرف هذه المعاشات من جهة أخرى، بسبب عدم توفر السيولة النقدية الكافية لدفع المرتبات التي تتجاوز الـ 5 تريلون دينار عراقي.

هذا الجدال، أدخل المواطن في " حيص بيص" كما يقال، فوزارة المالية قالت أنها " لن تدفع أي معاش مالم يتم الموافقة على قانون أقتراض يجيز لها الحصول على المزيد من الأموال لتمويل خزائنها الخاوية، ليرد عليها المجلس النيابي برفض قاطع لهذه الخطوة لما تمثلهُ من خطورة على الواقع الاقتصادي المتداعي اصلاً، وطالبت اللجنة المالية في بيان لها، وزارة المالية بالعمل على إيجاد إصلاحات وحلول غير تقليدية لتجاوز أزمة إنخفاض المدخولات الشهرية لعائدات النفط الخام الذي يبيعهُ العراق على زبائنه.

فيما أكدت وزارة المالية، أن أموال الأقتراض الأول الذي اقره المجلس النيابي نهاية حزيران الماضي، نفدت، وأنها لم تستطع تأمين مبالغ كافية لغرض الاستمرار بصرف معاشات قرابة الـ 4 ملايين موظف، وهذا يعني الحاجة الى تأمين مبالغ أضافية لغرض ضمان تدفق الأموال لحسابات الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تعتمد على تلقي المال من الخزائن، فيما يشهد قطاع الجبايات والإيرادات الضريبية والجمركية انخفاضاً نتيجة لتأثيرات جائحة كورونا التي تسببت بإغلاق عالمي، أثر على الأوضاع في العراق.

مراقبون قالو أيضاً أن " واحداً من أهم أسباب تراجع ايرادات العراق المالية، هو قرار وزير النفط السابق ثامر الغضبان بتخفيض حصة العراق التصديرية من النفط الخام الى قرابة المليون برميل يومياً، ضمن ما عرف حينها بإتفاق أوبك بلس، مؤكدين أن " هذا القرار اضر كثيراً بالوضع المالي للبلاد، حيث وضع العراق في إلتزام هو بمثابة المأزق، إذ كلما يريد العراق أن يتجاوز حصته المقررة بعد الإتفاق، كلما وجد نقداً ، بل وغضباً وتعديداً من قبل القائمين على أوبك بلس، ".

فيما طالب العضو البارز في اللجنة المالية النيابية، محمد صاحب الدراجي، وزارة المالية، بالإسراع بتقديم " الورقة الإصلاحية البيضاء " التي كانت شرطًا لتمرير قانون الأقتراض الأول، والاً فأن سياسية الأقتراض المستمرة ستضع العراق على حافة الهاوية، خصوصاً بعد دخوله مرحلة الخطر، أثر تجاوز نسبة الدين العام نسبة الـ 60% من مجمل النشاط الأقتصادي في البلاد، مما يعني ان النتاج المحلي يواجه ديناً متراكماً، وسيعجز الأقتصاد عن السداد، والاستمرار بإداء فعالياته المختلفة .

هذه التحذيرات والمخاوف تبدو منطقية للغاية، لكن ماذا تفعل وزارة المالية في وضع حرج كهذا، مع أستمرار انخفاض الإيرادات المالية، وأيضاً اغلاق النشاط الأقتصادي، وتعطيل قوانين مالية وأقتصادية مهمة بسبب الخلافات السياسة، وأيضاً سياسات الأنفاق غير المسؤول الذي كانت تقوم به الحكومات المتعاقبة، مما ضيع فرص التنمية والاستثمار الحقيقي على حكومة الكاظمي التي ورثت أرثاً مثقلاً بالأزمات والمآزق، بحيث بات الأقتصاد العراقي اليوم على كف عفريت كما يقال.

وترى أوساط مالية، أن " الأزمة الأصعب لم تبدأ بعد، وأن تأخير الرواتب لهذا الشهر، ليس الا بروفة من لعبة طويلة، سيكون لها تأثيرها السياسي والاجتماعي في المستقبل المنظور".

علق هنا