بيروت تكافئ المهندس الفرنسي الذي أعاد إعمارها بعد دمار الحرب الأهلية، وتقتله في تفجير المرفأ !

بغداد- العراق اليوم:

بدأت حصيلة الانفجار الكبير الذي ضرب بيروت ودمر مرفأها، تَظهر بشكل تدريجي نسبة إلى حجم المساحة التي ضربها الدمار واتساع دائرة التأثير الذي طال بعض ضواحي العاصمة البحرية.

وبحسب تقرير لمجلة Hyperallergic المتخصصة في الفن، تضرر العديد من الأماكن الفنية الرائدة في المدينة، التي تتوزع في معظمها في حي مار مخايل المكان الأكثر قرباً من موقع الانفجار، والذي تصدّعت أبنيته التراثية وتطايرت واجهات المعارض وتبعثرت مقتنياتها. وكان غاليري "مرفأ" لعرض الفن المعاصر وغاليري "تانيت"، اللذان يقعان بالقرب من مرفأ بيروت، الأكثر تضرراً، كما تضرر غاليري "صفير زملر" في منطقة كرنتينا شمال الميناء، وهو يعد عنصراً أساسياً في المشهد الفني في بيروت.

وكذلك أصاب الانفجار مؤسسات فنية وثقافية كبرى في المدينة مثل الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية "أشكال ألوان"، والمؤسسة العربية للصورة التي تحوي أضخم وأهم أرشيف بصري للعالم العربي، ومتحف سرسق للفنون الحديثة والمعاصرة، الذي حطم الانفجار أبوابه ونوافذه وسقوف بعض غرفه. كما أتلف عدداً كبيراً من الأعمال الفنية المعروضة في مجموعته الدائمة، بما في ذلك لوحة قيّمة للرسام الهولندي Kees van Dongen تعود لعام 1930 وهي لمؤسس المتحف نقولا سرسق. كما تدمرت بالكامل خزفيتين للفنانة اللبنانية الأميركية سيمون فتال، إضافة إلى العديد من العناصر الأخرى في المجموعة.

أول الضحايا الفرنسيين

وأعلنت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو أن المهندس اللبناني-الفرنسي جان مارك بونفيس الذي عاش في لبنان وشارك خصوصاً في مشاريع ترميم مبان دمّرتها الحرب، هو بين الضحايا الفرنسيين الذين لاقوا حتفهم في الانفجار الدموي.

وكتبت الوزيرة باشلو ليل الأربعاء- الخميس على "تويتر"، أن "المهندس الفرنسي جان مارك بونفيس لقي حتفه في الكارثة الرهيبة في بيروت". وأشادت بـ"عمله الكبير" الذي يشمل "ترميم مبان تراثيّة دُمّرت" جراء الحرب في لبنان. وأضافت "فرنسا ولبنان متحدان في الحزن" على رحيله.

وذكرت صحيفة "لوريان لوجور" أن جان مارك بونفيس كان ينقل حدث الانفجار الأول مباشرة على "فيسبوك" من شقته في مار مخايل، عندما جرفه الانفجار الثاني، الذي أدى إلى وفاته وتعرض المبنى لأضرار بالغة.

ولد جان مارك في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1963، وهو ابن المهندس الفرنسي اللبناني موريس بونفيس، تخرج كمهندس معماري بدرجة امتياز من مدرسة باريس فيلامين للهندسة المعمارية في باريس عام 1987، وحصل على درجة الدراسات العليا من كلية الهندسة المعمارية في لندن، ودرّس الهندسة المعمارية في الجامعة الأميركية في بيروت.

وهو عضو في نقابة المهندسين في بيروت، وحصل على جوائز دولية عدة منها المرتبة الأولى في Asia Architecture Award عام 2015، وأهم مشاريعه في بيروت مبنى East Village الذي حصل به على جائزة المهندس المعماري اللبناني عن فئة المباني السكنية عام 2017. كما ترشح المشروع ذاته لجائزة Archdaily Best Building عام 2018.

يقع المبنى في حي مار مخايل التراثي القديم، ويضم في طابقه الأرضي غاليري تانيت، وهو يجمع في اكسائه بين الحجر الداكن والخشب المستوحى من العمارة اللبنانية التقليدية التي لا يزال ممكناً العثور عليها في هذا الحي، إضافة إلى المعدن الأحمر الزاهي الذي طبق على كتلة إنشائية واحدة بشكل خلق تبايناً واضحاً مع بقية المواد الغالبة المألوفة. كما خلقت الكتلة بؤرة جذب بصرية ووفرت إطلالة بانورامية مميزة على المدينة.

وعلى الرغم من أن المبنى يبدو من البعيد للوهلة الأولى شكلاً هندسياً بسيطاً، إلا أن فكرته التصميمية جاءت على شكل ثلاث كتل لكل منها هوية فريدة تحققها بصرياً المواد المختلفة المطبقة على كل واجهة، حيث استطاع جان حل مشكلة الموقع الضيق بحيث شكّل مجموعة من ثلاث كتل رأسية متوازية، ضمن تكوين متدرج يضمن وصول الإنارة الطبيعية إلى مستويات مختلفة من البناء. وغطى الجزء السفلي من الواجهة اليمنى بنباتات خضراء معلقة شكلت حديقة عمودية موازية وامتداداً طبيعياً للحديقة العامة لمبنى كهرباء لبنان المقابلة.

يذكر أن بونفيس كان عضواً في اللجنة الوطنية للحفاظ على البيوت التاريخية، وأسهم في ترميم وإعادة تجديد العديد من البيوت المتضررة جراء الحرب في لبنان.

 

علق هنا