الطفل محمد: صدمة وليست مفاجأة !

بغداد- العراق اليوم:

محمد عبد الجبار الشبوط

لم انم ليلة امس. قضيت الليل معظمه وانا اكرر مشاهدة الفيديو-الفضيحة الذي يظهر فيه رجال مكلفون بفرض الامن والقانون وهم ينتهكون القانون. وهو حال شاركني فيه عدد كبير من أصدقائي وصديقاتي على مواقع التواصل الاجتماعي ممن سلبت المشاهد الوحشية النوم من عيونهم.

صدمتي الكمية المرعبة من انتهاك حقوق الانسان والطفولة، والكلمات البذيئة، والعنف، وانتهاك حرمة الام، ونحن في مجتمع شرقي، والسادية، وعدم احترام القانون.

بغض النظر عن خلفيات "اعتقال" هذا الطفل، فان سلوك رجال فرض القانون معه لا يمكن قبوله وتبريره. لكن يمكن فهمه وتفسيره. ومنذ زمن وانا افسر الظواهر السلبية في مجتمعنا العراقي بكلمة مركزية واحدة هي: الخلل الحاد في المركب الحضاري والقيم الحافة به. وعلى رأس هذه القيم: كرامة الانسان. هذا الخلل ليس جديدا، فهو قديم، وتعاظم كثيرا في زمن النظام الصدامي المقبور، ولم تتم معالجته بعد سقوط النظام البعثي. وهذا معنى قولنا ان البعثية، كطريقة في الحكم تسترخص قيمة الانسان، مازالت موجودة في مجتمعاتنا، ومتغلغلة حتى في الصغير من تصرفاتنا وافعالنا مثل تعليقات بعض الناس البذيئة والمنتهكة للخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي. اين تعلم رجال الامن كل هذه البذاءة والوحشية؟ من الشارع، اي من المجتمع الذي يشهد انهيار منظومة القيم الاخلاقية والحضارية.

 وفي هذا الفيديو لم يُبقِ رجال الامن وفرض القانون شيئا من كرامة الانسان وحقوقه في شخص الطفل محمد والسيدة امه.

بيان وزارة الداخلية اكثر من باهت، وخارج السياق، وبعيد عن تشخيص العلة والخلل. ماذا يعني التحقيق بعد هذا الفيديو؟انه يعني ان البيان مصاب بنفس المشكلة، اعني الخلل الحاد في المركب الحضاري والقيم الحافة به. مهما يكن التحقيق، ومهما تكن نتائجه، ومهما تكن العقوبة التي سينالها رجال الامن المتورطون، فان ذلك ابعد ما يكون عن حل نهائي وجذري لمشكلة الخلل في المركب الحضاري، لا حل الا عندما يولد الانسان الحضاري، ويتشكل المجتمع الحضاري، وتقوم الدولة الحضارية الحديثة، التي هي دولة الانسان، حيث يكون الانسان وحقوقه هى القيمة العليا التي لا تقبل المساومة.

ارجو ان لا يتذمر بعض القراء من الحاحي على موضوع الدولة الحضارية الحديثة، فهي الحل الوحيد الذي يمنع تكرار ما حصل مع الطفل محمد.

علق هنا