لماذا اوقفت قناة العراقية برنامج الزميل فائق العقابي؛ هل هي موجة الإصلاحات ام اسكات الأصوات الحرة؟

بغداد- العراق اليوم:

في قرار مفاجئ وغير مدروس على الأكثر، تم ايقاف برنامج الزميل الإعلامي المعروف فائق العقابي؛ وهو نافذة مفتوحة بين الدولة والمواطن، وبوابة يلتقي فيها الرأي الحر مع السلطات؛ ومنفذ تعبير بلا قيود يضع المواطن امام ضميره الوطني والتزامه الأخلاقي ليقول كلمته ويمضي.

صنع العقابي اسماً لامعاً في عالم الصحافة والاعلام الشعبي منذ عام ٢٠٠٤ عبر الشاشة الصغيرة وبرنامجه الشهير (خل نسولف) الذي كان ايقونة في مسار قناة العراقية تنتظره العائلة العراقية بشغف كبير مع(استكان) الشاي الصباحي الذي يحتسيه فائق العقابي، حيث تنهال الشكاوى والتظلمات، ويرد الرجل على مئات المناشدات العاجلة، ويفضح أيضا الخلل والتقصير في المؤسسات الخدمية، فاستحق العقابي وقتها لقب لسان الشعب وصوته.

طبعا؛ لم يعجب هذا الفضاء الحر السلطات الإعلامية التي كانت تتحكم بشبكة الإعلام العراقي، وهذا المستوى ذو السقف المرتفع من المكاشفة، فتم في عام ٢٠٠٧، حجب البرنامج ومنع العقابي من الظهور على الواجهة.

كان الإيقاف ضربة موجعة لشعبية القناة حينها، وبدأت العلاقة تسوء مع المواطن الذي اعتقد ان هذه المحطة الممولة من أمواله ليست له؛ ولا تفرد من مساحات بثها وقتا لكي يبث همومه ويوصل صوته؛ أو حتى نقده أو احتجاجه.

بعد أعوام قليلة أعيدت التجربة مع (دفتر ملاحظات) كان العقابي يعده ويقدمه فضاءً ونافذة مفتوحة مع الشارع العراقي ويستمع لشكاوى مغموطي الحقوق ومضيعي البيروقراطية والفساد؛ فكانت العراقية عبر برنامجها الجريء تمثل خطاً في نقل هواجس الشارع إلى الحكومة، وتنقل معاناة دافعي تمويلها إلى من يعنيه الأمر.

ويبدو أن سقف الحرية المرتفع ازعج مرة أخرى القائمين على القناة، فاعادوا الكرة هذه المرة عبر تقليص الحلقات إلى حلقة أسبوعية واحدة؛ ومن ثم اتجهوا إلى جعلها تسجيلية بعد أن كان البرنامج يلامس الفضاء المباشر وكان ساخناً كما استكانة الشاي التي يحتسيها الرجل الجريء كل صباح وهو يحمل صليبه على متنه.

لم يثلم العقابي حدود الجمهورية العليا، ولم يخض في المحظورات المهنية والأخلاقية في مهنة الإعلام الملتزم؛ قدر ما ساعد الجهات الحكومية والرقابية في اكتشاف الثغرات التي ينفذ منها الفساد، ويدك بالمباشر متاريس الناهبين، وقاطعي قوت الشعب، في تمازج منه مع هموم الناس ومساعي الحكومات أيضا.

الغريب أن بعد كل هذا التحجيم للعقابي وبرنامجه الشهير وصوته المدوي؛ يأتي قرار إدارة شبكة الإعلام العراقي اليوم بإيقاف البرنامج نهائيا ومنعه من الظهور لاحقا، وهو حكم اقصائي لم نكن نتوقعه من زميل مؤمن بحرية التعبير كالزميل نبيل جاسم، الإعلامي الذي طور وساهم في تطوير الفضاء الإعلامي التفاعلي؛ فهل هذه الإصلاحات الموعودة، أم أن تحريضاً داخلياً وخارجياً على مثل هذا البرنامج، قاد إلى قرار قد يقلص من مساحة ثقة المواطن بهذه القناة ومصداقية ما تطرحه من مشاكل تخصه؛ لاسيما أن الدكتور نبيل يعلم قبل غيره ان هدف الشبكة هو التحول من صوت الحكومة إلى صوت الشعب؟.

نعتقد أن القرار جائر وفيه إزاحة لكل الأصوات التي تريد أن تسمع صوت ونبض الشارع للحكومة، وهو خطوة كما قلنا قد تقلص مساحة التفاعل مع الجمهور المتلقي الذي يبحث عن نافذة لينقل صوته ويبث مشاكله، وحتى انتقاده ولا نرى انسب وانزه من قناة الدولة العراقية نافذة لهذا الامر، فلم يحجب العقابي ويسدل الستار على هموم الناس بلا سابق إنذار؟.

نرجو أن لا يضطرنا الأمر الى عرض هذه المشكلة على دولة الرئيس مصطفى الكاظمي، إذ تكفي الرجل مشاكل الكهرباء، والكاتيوشا، والجائحة، وأسعار النفط، ومزاج المتظاهرين، وعشرات المشاكل التي تطيح من ثقلها الجبال !

 

 

علق هنا