بعد أن سال دم المتظاهرين في عهده أيضاً.. هل سينتهي الكاظمي نفس النهاية التي إنتهى بها عبد المهدي ؟

بغداد- العراق اليوم:

هدأت ساحات العراق في بغداد والمحافظات من صوت التظاهرات قبل أكثر من شهرين، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد ووعود رئيس الحكومة الجديد مصطفى الكاظمي بتحقيق مطالب الشارع.

لكنها عادت من جديد إلى الشارع بسقف مطالب أعلى، وسالت دماء العراقيين من جديد، وهو ما قد يكون سببا في أن يلقى الكاظمي مصير عبد المهدي.

وعود الكاظمي

قال الدكتور عبد الستار الجميلي، أمين الحزب الناصري الطليعي في العراق: "أعتقد أن اندلاع التظاهرات مجددا يتعلق بأن الوعود التي أطلقها الكاظمي فيما يتعلق بحقوق المتظاهرين ومطالبهم في تغيير العملية السياسية لم تجد طريقها إلى الواقع، وتحولت الى مجرد إعلانات على ألسنة المتحدثين، وإجراءات شكلية لا تمس جوهر العملية السياسية التي بنيت على المحاصصة وما أفرزته من استبداد وفساد، وتغيير في الوجوه التي لا تختلف عما سبقها".

وأضاف أمين الحزب الطليعي بعد عدم وضوح الرؤية أمام الشارع العراقي سرعان ما دب اليأس والإحباط في صفوف المتظاهرين فيما يتعلق بجدية ومصداقية وعود الحكومة، وبالتالي زاد الاحتقان والصعود بسقف المطالب إلى مستويات التغيير الشامل لكل السلطات والوجوه".

وتابع الجميلي: "لن يكون بمقدور الحكومة الحالية مواجهة استحقاقاتها، الأمر الذي ينذر بمخاطر محققة ومحتملة بدأت بوادرها في القمع الذي واجهت به الحكومة المتظاهرين وسقوط عدد من القتلى والمصابين، مايورط هذه الحكومة وأجهزتها بمسلسل دم جديد ستدفع ثمنه إذا ما تورطت أكثر في هذا النهج القمعي الذي يعد السمة الأساسية لكل الحكومات المتعاقبة دون إستثناء".

تغيير المعادلة السياسية

وقال محمد كريم الخاقاني، الباحث في الشأن السياسي العراقي: "عادت التظاهرات للشارع العراقي من جديد بعد فترة توقف إجباري بسبب تفشي جائحة كورونا، ويمكن القول بأن تظاهرات الشعب العراقي منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قد أثمرت عن تغيير في المعادلة السياسية القائمة منذ 2003 وبالتالي يعد العامل الشعبي عاملا مؤثرا في المشهد السياسي العراقي بعد أن كان مغيبا طوال تلك الفترة، حيث استمر الضغط الشعبي لحين تحقق استقالة حكومة عادل عبد المهدي.

وأضاف الباحث في الشأن العراقي  "بعد الإتفاق على شخص مصطفى الكاظمي لتولي منصب رئيس الوزراء، وعد في أول حديث له بتحقيق المطالب الشعبية والتي تمثل أبرزها في إقامة انتخابات مبكرة وإقرار قانون إنتخابات عادل ومحاكمة قتلة المتظاهرين السلميين وتقديمهم للقضاء".

واستطرد: "وبالتالي نجد أن حكومة الكاظمي قد عملت منذ يومها الأول على إنجاز ما وعدت به الشعب العراقي، على الرغم من الملفات المعقدة والشائكة التي ورثتها من الحكومات السابقة سواء ما يتعلق بالجانب السياسي أو الجانب الأمني، فضلا عن الجانب الاقتصادي والصحي"، مضيفا: "الحكومة تواجه العديد من المشكلات والتحديات التي تواجهها سواء داخليا أو خارجيا وهذا يتطلب بذل جهودا جبارة وكبيرة من أجل معالجتها وعدم مفاقمتها ووضع الحلول المناسبة إزاءها".

انجازات الحكومة

وأشار الخاقاني إلى أن "الحكومة الحالية عملت على إنجاز قانون الانتخابات مع الانتهاء من وضع الصيغة النهائية لقانون المفوضية العليا للانتخابات، وتأمين متطلبات إقامتها في أقرب وقت ممكن، فضلا عن تعديل قانون الأحزاب العراقية ليكون ملائما للمرحلة الحالية، وإدخال بعض التعديلات لنصوصه وبما ينسجم مع مقتضيات المصلحة العامة".

وتابع: "لم تكتف بذلك بل صدرت توجيهات للأجهزة الأمنية بإطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين السلميين والعمل على إيجاد المختطفين من الناشطين المدنيين في ساحات التظاهرات، وتشخيص عمليات الإغتيال المنظمة ووضعهم أمام القضاء، وتشكيل لجنة عليا تختص بتقصي الحقائق بخصوص محاسبة قتلة المتظاهرين في الاحتجاجات التي انطلقت في تشرين الأول 2019".

وأوضح الباحث السياسي أن "حكومة الكاظمي سائرة في إتجاه تحقيق المطالب الشعبية وتوفير إحتياجات الشعب العراقي على الرغم من قصر فترة تشكيلها منذ أكثر من شهرين، وبالتالي يمكن أن تكون تلك التظاهرات وسيلة ضغط إضافية من أجل الإسراع في تشريع قوانين جديدة أخرى تعود بالفائدة على مختلف شرائح الشعب العراقي".

تحمل المسؤولية

وعلى الجانب الآخر قال علي محمود السبعاوي، الأمين العام للحزب الوطني العراقي للتغيير، إن "هناك مؤامرات تحاك ضد العراق والعراقيين تقودها بعض دول الجوار، حيث يقوم أنصارها بقتل المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم في أغلب ساحات التظاهر في العراق، تلك المجازر تتحملها كل الحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة الكاظمي".

وأضاف الأمين العام للحزب الوطني أن "جهات حكومية مدفوعة من حكومة مصطفى الكاظمي، حاولت استفزاز المحتجين السلميين عن طريق القوات الأمنية بغرض جرها إلى مواجهة حقيقية وقتل الشعب لتعم الفوضى، وهو أمر مدروس من جهات لاتريد للعراق أن يستقر".

وأشار السبعاوي إلى أن "حصيلة المواجهات يوم أمس الأحد ليل في ساحة التحرير ومحيطها وحتى الآن، هي مقتل 3 متظاهرين وإصابة 12 بجروح من بينهم 6 جروحهم خطيرة، مشيرا إلى أن كل الشعب العراقي يدرك الصعوبات المعيشية التي يمر بها أبناء شعبنا، والتي تحاول هذه الحكومة قمع وقتل الشعب بدل أن تعالجها في ظل ظروف اقتصادية وصحية استثنائية".

وأضاف: "لا يمكن أن نلوم أي مواطن عراقي في التعبير عن رأيه بشكل سلمي يخلو من الاستفزاز أو افتعال الصدام مع أي جهة حكومية لأن الشعب يريد تنفيذ مطالبه المشروعة والتي هى أحد حقوقه الدستورية".

وقال السبعاوي إن "تلك الاحتجاجات تأتي بعد شهرين من نيل حكومة مصطفى الكاظمي ثقة الأحزاب (الفاسدة) والبرلمان العراقي (غير الشرعي) وتوليها مسؤولية إدارة البلاد لقمع المتظاهرين، بعد شهور من مظاهرات بدأت في أكتوبر ضد الفساد والمفسدين وجميع السياسيين الحكوميين وسوء الخدمات وسرقة أموال الشعب وخيراته البترولية".

ويشهد العراق في محافظات الوسط والجنوب منه مع العاصمة بغداد تظاهرات واحتجاجات منذ أكتوبر، وزادت حدتها مؤخرا إثر تردي الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي تزامنا مع موجة الحر الشديد التي تضرب البلاد.

علق هنا