تأملات سريعة في نتائج زيارة الكاظمي الى طهران.

بغداد- العراق اليوم:

اظهرت زيارة الكاظمي والنتائج المعلنة عن هذه الزيارة طبيعة العلاقات العميقة والمتشابكة، وربما الملتبسة ايضاً بين البلدين.

فعلى الصعيد الثنائي كانت هناك اتفاقات مهمة تبرز الجانب البراغماتي من هذه الزيارة، فزيادة التبادل التجاري الى مستويات متقدمة (ذكر روحاني رقم ٢٠ مليار دولار) يفيد كلا البلدين ؛  ايران التي تواجه حصاراً خانقاً في كل شيء ومن معظم دول العالم بسبب التحذير الامريكي والعراق الذي يواجه ازمة اقتصادية بسبب انخفاض اسعار النفط  وشحة متوقعة في العملة الصعبة، كما يمكن للدعم الايراني في مجال مكافحة وباء كورونا ان يكون مؤثراً بحكم الامكانات الطبية الواسعة التي تمتلكها ايران. غير انه من المشكوك فيه ان ترضى الولايات المتحدة  بتمديد  فترة السماح باستيراد الطاقة الكهربائية من ايران لفترة طويلة قادمة ، وهي صاحبة المقترح المتداول بالربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج للاستعاضة به عن الطاقة المستوردة من ايران ، انطلاقاً من سياسة واشنطن في تجفيف اي مصدر للعملة الصعبة يمكن ان تحصل عليه ايران ، رغم ان الايرانيين كانوا وافقوا  منذ حكومة حيدر العبادي على استلام ديون الكهرباء بالعملة العراقية بسبب مشاكل التحويل بالدولار مع ايران.

لاتوجد اي رسائل ايرانية الى السعودية عن طريق الكاظمي، والحقيقة انه ليس لدى السعودية ماتسعف به ايران ، كما انه ليس لدى ايران ماتقوله للسعودية عبر بغداد ، لانها اعتادت ان تتحاور معها في مواقع النفوذ المتنازع عليها بينهما؛ هما  يتحاوران في اليمن ولبنان والى حد ما في سوريا.

ايران تريد من العراق(العربي) كما قال روحاني ان يكون قويا وعامل توازن في المنطقة، وهذا يعني السعي لاضعاف النفوذ  السعودي في الاقليم من خلال مساعدة العراق على استعادة  دوره الاقليمي المميز تاريخياً خصوصاً وان مراكز الثقل الستراتيجي عربيا الاخرى آخذة في الانحسار والضعف كسوريا او مواجهة تحديات اكبر من امكاناتها كمصر . وهذا ان تم فهو يعني تحولاً كبيراً في استراتيجية طهران التقليدية تجاه بغداد منذ سقوط النظام السابق واعترافاً بالضغوط التي تواجهها السياسة الايرانية في الاقليم  عموماً والعراق خصوصاً.

النقطة المهمة او الاهم جاءت على لسان مرشد الجمهورية الاسلامية بخصوص الموقف من التواجد الامريكي في العراق حين ذكّر الكاظمي  بان امريكا قتلت ضيف العراقيين على ارضهم وزاد ان طهران لن تتردد في استهداف الامريكان مستقبلاً لهذا السبب، ورغم ان خامنئي لم يذكر صراحة ان ايران ستستهدف الامريكان في العراق ، الا ان تذكيره بمقتل ضيف العراقيين على ارضهم يوصل رسالة بان الباب يبقى مفتوحاً امام طهران للرد حيث تشاء.  

ماسمعه الكاظمي اليوم في طهران ينتمي لكلا المنطقين: منطق الدولة ببراغماتيتها ودهائها الذي عرفت به وانضجته  تجارب الدفاع عن كبريائها والصراع على مناطق النفوذ، ومنطق الثورة بمباشرته وصلابته المعهودة ، والعراقيون بناء على ذلك  في الخيار  بين كلا المنطقين.

علق هنا