ما دلالة تهديد الرئيس التونسي باستخدام صلاحياته الدستورية؟‎

بغداد- العراق اليوم:

أثار تلويح الرئيس التونسي، قيس سعيد، باستعمال صلاحياته لوضع حد لحالة الاحتقان والتعطيل داخل البرلمان، تساؤلات عن دلالات هذا التهديد وحدود تحرك رئيس الجمهورية بالعمل البرلماني وعن الخيارات الممكنة بيد الرئيس للتعاطي مع هذا الوضع.

ولوح سعيد الاثنين خلال اجتماعه برئيس البرلمان راشد الغنوشي ونائبيه، باستخدام صلاحياته الدستورية، مشددا على أنه لن يبقى مكتوف اليدين أمام حالة الفوضى التي يعرفها البرلمان وتعطل السير العادي لدواليب الدولة، مؤكدا أنه مطالب بالحفاظ على الدستور وعلى تسيير دواليب الدولة سيرا طبيعيا.

وأكد سعيد أنه ليس في صدام مع أي طرف كان وأنه لا يعترف إلا بالنصوص الدستورية.

وقال النائب راشد الخياري مساء الاثنين، إن رئيس الجمهورية طالب الغنوشي خلال الاجتماع الذي جمعه به وبنائبيه سميرة الشواشي وطارق الفتيتي في قصر قرطاج بتطبيق الفصل 48 من النظام الداخلي للبرلمان بكل قوة لحفظ النظام والأمن داخل المجلس.

واعتبر الباحث في العلوم السياسية محمد أمين العاقل في تصريح لـ ”إرم نيوز“ أن ”ما قاله الرئيس قيس سعيد في لقائه برئيس البرلمان ونائبيه يمثل تحذيرا غير مسبوق من الرئيس بصفته الرمزية وبصفته التي منحه إياها الدستور وأيضا باعتباره أستاذا للقانون الدستوري لا يتعاطى إلا مع النصوص القانونية، ومن ثم فإن دعوته إلى وضع حد لحالة التعطيل والفوضى داخل البرلمان تمثل الحد الأدنى الذي يمكن لرئيس الجمهورية أن يقوم به في مثل هذا الوضع“.

ونوه العاقل إلى أن ”الدستور لا يمنح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية على البرلمان ولا يسمح له بحل البرلمان مثلا إلا في حالة واحدة وهي حال الفشل في التصويت بمنح الثقة على الحكومة للمرة الثانية، وهذا الوضع لم تبلغه الساحة السياسية في تونس حتى الآن، والفرضية تبقى غير قائمة إلا بعد انتهاء المشاورات وعرض الحكومة على البرلمان وعدم منح الثقة لها“.

وأضاف العاقل أنه ”لا سلطة سياسية ولا قانونية للرئيس على البرلمان، وبالتالي تبدو تهديداته مجرد تحذير من خطورة الوضع وتلويح بتدخل لا تبدو تداعياته واضحة أو ملموسة أو قادرة على إحداث تغيير في المشهد السياسي الحالي، بحسب قوله.

ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي محمد العلاني في تصريح لـ ”إرم نيوز“ أن خطاب سعيد ”حمل رسائل سياسية إلى الغنوشي أولا ومساعديه بدرجة ثانية، وهي أن وجودهم في رئاسة المجلس هو نتيجة تفاهمات سياسية وتحالفات غير دائمة خلافا لوجود رئيس الجمهورية في منصبه نتيجة انتخاب مباشر من الشعب“.

وأضاف العلاني أن ”سعيد أراد من خلال هذه الرسائل، التحذير من انحراف البرلمان عن أهدافه التي من أجلها انتخبه الشعب، والإفراط في الصراعات السياسية، ومن ثم مثّل خطابه دعوة إلى إعمال العقل وتغليب صوت الحكمة والمصلحة الوطنية لإعادة الاعتبار إلى المؤسسة التشريعية في البلاد“.

وأكد العلاني أنه ”ليست هناك خيارات كبيرة أمام الرئيس قيس سعيد للتعاطي مع حالة الانفلات والفوضى داخل البرلمان، إذ لا يسمح له الدستور بالتدخل في إحداث تغيير على مستوى رئاسة البرلمان أو في مكتب البرلمان أو في أي منصب قيادي داخل البرلمان، ولا يسمح له أيضا بحل البرلمان للأسباب القائمة الآن، خاصة انه حرص في خطابه على أن ما قاله لا علاقة له بمسار تشكيل الحكومة الجاري هذه الأيام“، بحسب تعبيره.

 

علق هنا