الكاظمي والرهان على قدرته في تجنيب العراق سيناريو لبنان المرعب

بغداد- العراق اليوم:

لم يمضِ زمن طويل، حتى بدأت ملامح الأزمة الأقتصادية الخانقة التي تعصف بلبنان بالظهور بشكل مأساوي، فقر مدقع، افلاس عام، البحث عن بقايا الطعام في حاويات القمامة، واخيراً، سلسة الانتحارات التي لا تتوقف، (اليس الجوع كافر) كما قالها غناءً الكبير زياد الرحباني؟ وقالها أيضاً - كتابةً - احد اللبنانيين المنتحرين امس، انه سيناريو مرعب لربما لا يعيه الا من عايشه، وخبره ولمس اوجاعه، وعانى ردات فعله على المجتمع، هنا تماماً، يبرز السؤال الأهم: من فجرَ هذا الأزمة في لبنان الآن، ولماذا؟.

السؤال الذي لا يتردد الجميع في الكشف عن إجابته، ان تداعيات قانون قيصر الأمريكي الذي اقرته إدارة الرئيس ترمب، وتريد من خلاله قطع مصادر تمويل ودعم نظام الرئيس بشار الأسد، لذا كان لحكومة حسان دياب، المدعومة من حزب الله اللبناني، النصيب الوافر من هذه العقوبات التي بدأت من انهيار الليرة اللبنانية، وانتهت بإنهيار الأقتصاد دفعةً واحدة.

هذا الظاهر من جبل غاطس، يضعنا امام مخاوف جدية على مستقبل العراق، واقتصاده الهش، العاجز، المتداعي، المنخور بالفساد، المنذور للصدفِ والمفارقات، هنا، قد يواجه العراق ذات المصير، ان لم يحسم الجدل الداخلي، ويوجه بوصلته في صراع الأقطاب المتضادة، او على الأقل ان يسحب نفسه من ساحة المواجهة العابرة للحدود التي تجتاز قدرات الحكومات والشعوب، وتتجه لصدام كوني هائل قد ينفجر في اي لحظة في عالم اصبح بلا خرائط فعلًا كما يقول جبرا وعبد الرحمن منيف.

العقوبات الامريكية القاسية التي دفع ثمنها لبنان، لا تستثني احداً، ولا ترأف بحال احد، الا اذا نجح العراق ان يجنب نفسه الدخول بهذه الدوامة الخطرة، وان يسحب نفسه من معترك ليس له القدرة على الخوض فيه.

فالعراق المنهك المفكك، الباحث عن لحظة امان واستقرار كي يلتقط انفاسه، يعيش الآن مخاوف حقيقية في ظل عدم نجاح الفرقاء على تحديد الأولويات، وبيان المصلحة الوطنية اين تكمن، وان يمكن ان يقف الجميع، وان يمكن المضي في خطوات التقارب مع هذا الطرف او ذاك، ولا شيء دوماً غير المصلحة الوطنية العليا.

اذن فحكومة الكاظمي الآن امام اختبار حقيقي لقدرتها في تجنيب العراق عن مأزق السيناريو اللبناني، لأن الوضع لا يحتمل فعلًا وقد يتسبب  اي خطأ في حدوث كارثة لا تحمد عقباها، ولن يتضرر العراق منها لوحده، بل ان العالم برمته سيخسر الاستقرار والتنمية.

لكن الشيء الذي يجب ذكره أن الكثير من العراقيين يثقون بقدرة الكاظمي على النجاح، بل أن الكثير منهم يراهنون على العبور معه بأمان.

علق هنا