هل سيشكل تعيين الأعرجي مستشارًا للأمن الوطني في هذا الظرف الأمني الحرج نقلة نوعية في إداء حكومة الكاظمي؟

بغداد- العراق اليوم:

حين ترصد أداء حكومة الكاظمي لغاية الآن، وتعاملها الحرَفي والمهني مع التعيينات الجديدة في الميدان الأمني تحديداً، سيلمس أمراً هاماً بصراحة، وهو التعامل الدقيق والحذر في الاختيارات، حيث يبدو أن رئيس الوزراء شخصياً، يراقب الشارع جيداً، وكذلك يقرأ الساحة بعمق، لذا تبشر الوجبة الأولى من التعيينات الرفيعة المستوى، بوصول شخصيات مهنية، متدرجة، فضلاً عن مقبوليتها الشعبية، وما تتمتع به من عناصر الكفاءة والخبرة، والأهم النزاهة والولاء الوطني الواضح.

ولعل في خيارات الأمن، كان لافتاً ان يأتي رئيس الوزراء بالشخصية العسكرية الخبيرة الفريق الركن عبد الغني الأسدي لرئاسة جهاز الأمن الوطني، والدفع بالشخصية الوطنية المعروفة، قاسم الأعرجي ليكون مستشاراً للأمن الوطني.

هذان الخياران، لم نقرأ أي ردود أفعال سلبية، أو اعتراضات على شخصيهما، ولم يجرؤ أحد أن يطعن بخيارات رئيس الوزراء، بل حتى من أعترض كان يقول ان هذه الشخصيات وطنية نظيفة اليد والضمير، لكن نريد ان نحصل على مناصب أمنية نحن ايضاً.

في خيار الكاظمي الأخير، ونعني به اختياره لوزير الداخلية الأسبق قاسم الأعرجي، نجد ان هذا الرجل خيار ناجح وحيوي، حيث ان الاعرجي ينطلق من خلفية واضحة، ومعه تاريخ طويل من الجهاد ومقارعة الدكتاتورية، والبحث عن أحقية الشعب العراقي في اختيار نظام سياسي ديمقراطي يمثله ويمثل تطلعاته، لذا وجدنا في تاريخه النضالي ما يمكن ان يشكل نقطة التقاء وطنية، فحين سألتُ النائبة الا طالباني قبيل اختيار الأعرجي لوزارة الداخلية، عن رأيهم ككرد في هذا الخيار، كان ردها وقتها واضحاً : أنه نعم الرجل، وسيصوتون بلا تردد للأعرجي لكونه رجلاً مجاهداً ومناضلاً، شارك في التصدي للدكتاتورية جنباً الى جنب مع قوات التحرير الكردية وغيرها من حركات المعارضة.

لذا فأن تاريخ الأعرجي ناصع، ولا غبار عليه ابداً، بل أنه مشرف لا يملك من يتجرؤون عليه ربع هذا التاريخ، واذا تركنا هذا، فالرجل اثبت خلال الأعوام الماضية اعتدالاً واضحاً، ونهجاً وطنياً بنى من خلاله علاقات وطنية في الفضاء العراقي، ولم يسمح لأي انتماء حزبي، او طائفي، أو قومي، ان يتغلب على عراقيته، بل ان الرجل تسامى على الجراحات الطويلة، وعاد ليغلب لغة التصالح الوطني، وأن يفتح صفحة اخرى مع كل عراقي لم تتلطخ يداه بالدماء، وراح يطوي صفحات من الكراهية والحقد والتضاغن، وكان منصب وزير الداخلية في عهده قد تجاوز بحق مرحلة الأمن، الى مرحلة التواصل والتسامح وبناء أواصر الأخوة العراقية، ولذا كانت الوزارة معقلاً للعمل المخلص والمهني وقتذاك.

اليوم، ينجح الكاظمي بخياره الصائب هذا في توظيف علاقات الأعرجي الوطنية، داخلياً وخارجياً في حكومته، لاسيما في هذا الظرف الأمني والسياسي الحرج، وسيجد في هذا الرجل عضداً له، وناصحاً، وأميناً، وصادقاً، وسيعمل معه حتماً على ترميم العلاقات الداخلية، وإعادة المتقطع خارجياً.

لذا فأن الكاظمي يثبت  بهذا الإختيار  أنه رجل يقرأ الساحة، وله فراسة في قراءة الرجال الناجحين.

علق هنا