من قتل ’علي هادي’؟!

بغداد- العراق اليوم:

نشرت المستشارة في وزارة الشباب والرياضة سهام فيوري، تفاصيل اللحظات الأخيرة التي سبقت وفاة لاعب المنتخب الوطني السابق والمدرب علي هادي إثر إصابته بفيروس "كورونا".  

وأشارت المستشارة في تدوينة  تحت عنوان "من قتل علي هادي"، إلى صعوبة بالغة في تأمين بلازما الدم وغياب العلاج المطلوب في مستشفى ابن الخطيب الخاص بمرضى "كوفيد 19".  

وفيما يلي نص ما كتبته: 

من قتل علي هادي؟ 

الكابتن علي هادي ذلك الشاب الوسيم الأنيق المحب لاهله واصدقائه نصير الفقراء يظهر للاعلام حاملا وصيته في جيبه لانه يدافع عن الفقراء وعن حقوقهم. وقد كسب شعبية واسعة كونه رياضي ولاعب ومدرب كرة ناجح وايضا كونه صوت الفقراء.  

وحين علم محبوه بإصابته بالوباء اللعين كورونا وموته بدأت الصفحات تروج لموضوع انه تمت تصفيته وهو في المستشفى.  

إليكم القصة:  

حين علمت بمرض الكابتن علي هادي اتصلت به تلفونيا لكنه   لم يجب.. اتصلت بأخيه حمزة أيضا ولم يجب وأخيرا وصلت إلى أخوه الثالث رضا.. وعلمت أن علي مصاب وهو في مستشفى ابن الخطيب وحمزة ملامس وهو في الحجر المنزلي .  

اتصلت على صديقة لي في إعلام وزارة الصحة واعطتني رقم د.سلمان مدير مستشفى ابن الخطيب واتصلت به اطمئن عن وضع علي هادي ووقتها طمئنني أنه أخذ البلازما لكن نسبة الأوكسجين 73%. وأرسل لي فيديو له وهو يمارس الرياضة وجهاز الأوكسجين على وجهه.  

في اليوم الثاني اتصلت بالمدير وطلب مني أن أحضر له البلازما. عندها اتصلت على أخوه حمزة وأرسلت له الفديو وطلبت منه أن يرد لأني بحاجة إلى متبرع.  

اتصل بي حمزة وأخبرني انه سوف يذهب لزيارة علي ليشجعه ويرفع من معنوياته. وبالفعل ذهب إليه وتكلم معه وبلغه سلامي وأخبره اني ابحث له عن البلازما ليطمئن.  

 ونشرت منشور على صفحتي أردت متبرع بالبلازما B+ أو AB.  

لكن لم يتصل بي أحد بل أرسل لي بعض الأصدقاء قائمة فيها ارقام تلفونات متعافين يرغبون بالتبرع بالبلازما.  

انتبهوا معي.. كيف مات علي  

من الساعة التاسعة مساء إلى ثاني يوم التاسعة صباحاً وانا اتصل على أرقام المتعافين بعضهم هاتفه مغلق، ومنهم هو اساسا يبحث عن متبرع لأن لديه مصاب .  

لا يوجد تخطيط من قبل خلية الأزمة وإعلام الوزارة .  

انتبهوا معي..  

المفروض أن يتم كتابة تعهد من قبل المتعافي أن يتبرع بالبلازما لأي مصاب وأن يترك عنوانه ورقم هاتفه. ويلتزم بالتبرع لأن الدولة عالجته وصرفت عليه أموال واهتمت به وشفي، وعليه تأدية واجبه تجاه المصابين.  

إليكم الخبر الموجع، أخيراً وصلت إلى متعاف أصيب بكورونا وطلبت منه التبرع لكنه رفض بحجة أنه تبرع من عشرة أيام؟ سألت د. يعقوب مدير مركز الدم قال يحق له التبرع بعد 72 ساعة من التبرع الأول على أن لا يكون مر عليه شهر من تاريخ الشفاء.  

عدت إلى المتعافي وقلت له تستطيع أن تتبرع وقلت له كلام مدير مصرف الدم، توسلت إليه لكنه رفض وأغلق هاتفه.  

أخيراً اتصل بي حمزة ليخبرني أنه عثر على متبرع وهو أركان محمود اخو اللاعب شاكر محمود وذهب هو وحمزة إلى مركز الدم. تبرع أركان وأنا اتصلت بمدير المركز ولأذكر له اسم المتبرع واسم المريض والمستشفى.  

اتصلت بمدير مستشفى ابن الخطيب كي يرسل سيارة اسعاف لتجلب البلازما .  

هنا الخطأ، لو كان في مستشفى ابن الخطيب أجهزة تستخرج البلازما أو مختبر مصغر لمصرف الدم لما تأخرنا عليه. لو كانت هناك طائرة إسعاف هليكوبتر تنقل البلازما ،لو كان هناك مصرف دم في كل مستشفى للعزل.  

وإليكم الكارثة، مدير المستشفى طلب مني أن أحضر دواءً كي يعطيه إلى علي، وهو عبارة عن حقنه يحتاج منها أربعة وقد نفدت في المستشفى.  

كان الدكتور سلمان مدير مستشفى ابن الخطيب حريص جداً أن ينقذ كابتن علي واتصل بي وهو يصرخ أين البلازما والدواء .  

قلت له وجدت حقنة واحدة وسأشتريها، تصوروا معي أن سعر الحقنة الواحدة مليون و500 ألف دينار، وعلي يحتاج إلى 4 منها.  

اتصلت بالسيد وزير الشباب كان تلفونه مغلق بسبب الاجتماع ثم اتصلت بالمستشار إياد بنيان لاطلب منه أن يتصل بمعالي وزير الشباب ليوفر لنا الدواء واهتم بنيان بالأمر واتصل. وأيضا اتصل حمزة هادي بنائب رئيس البرلمان حسن كريم لأجل توفير الدواء وبالفعل استجاب السيد النائب وأجرى اتصالاته لتوفير الدواء .  

كل هذا حدث ولم نكن نعلم أن كابتن علي يحتضر .هنا يأتي دوري والألم الذي عشته ولساعات قبل موته، ليومين كنت أكتب رسائل إلى علي اشجعه ان ينتصر على المرض وكان يقرأ ولا يكتب ألى أن حانت الساعة الرابعة فجراً، أصعب الساعات التي عشتها.  

وصلت رسائل من رجل يحتضر، كان يتوسلني أن أحصل له على البلازما ويؤكد أنه يريدها قبل السابعة صباحاً ولا وقت لديه، من الرابعة فجرا إلى التاسعة صباحاً وهو يكتب لي أين البلازما وكل هذا الوقت وأنا اتصل بالمتعافين اتوسل بهذا وذاك، وخلال اتصالاتي كان علي يكتب لي.  

ها دكتورة وين البلازما شوكت توصل. وأنا أقول له إصبر إلى أن كانت الساعة التاسعة بالضبط توقف عن الكتابة .  

ومن التاسعة إلى الثانية عشر أنا أكتب له اشجعه إلى أن وصل المتبرع وأصبحت البلازما جاهزة بعد الثانية عشر وهنا كتبت إلى علي أن البلازما في طريقها إليك ومن التاسعة اكتب إلى الثانية عشر وهو يقرأ ولا يكتب.  

وفي هذه الأثناء أصبحت البلازما جاهزة ،اطمأن قلبي أن البلازما وصلت نمت من التعب والتفكير، ورن الهاتف واتصل بي المستشار بنيان وهو يصرخ مات علي، وهنا صرخت وأغلقت معه لأتصل بحمزة لكنه رد بصرخة موجعة وهو يبكي. بكيت وبحرقة.  

في الليل اتصلت بمدير مستشفى ابن الخطيب لاسأله كيف مات علي وهل اخذ البلازما واكد لي انهم عملوا جهدهم لكن المرض هاجمه بشراسة قبل أن نعطيه البلازما.  

سألته ماذا قال علي قبل أن يموت، قال كنت اتمنى أن اتماثل للشفاء وأخرج للاعلام لأقول للناس كيف اهتم بيالفريق الطبي. كأنه كان يعلم أنه سوف يموت .  

مات علي الذي يمثل صوت الفقراء بسبب فساد الحكومات المتعاقبة وبسبب سوء التخطيط من قبل وزارة الصحة وعدم توفر أجهزة تخص عزل البلازما من الدم سوى في مكان واحد بعيد، مات لأنه كان بحاجة إلى دواء لم توفره وزارة الصحة في أهم مستشفى.  

مات علي ليثبت صدق كلامه أن الحكومات فشلت في إدارة البلد .  

لم تقصر الكوادر الطبية في مستشفى ابن الخطيب في رعاية علي عملت جهدها لكن أجله حان وهذا يومه .  

مات وهو يتمنى أن يعيش لكنه كان سعيداً بمحبة ورعاية من حوله من الكوادر الطبية وحتى المرضى الموجودين قربه.  

آخر كلمة اقولها لك يا علي.. أنا أعيش ألماً ووجعاً لأني حاولت أن أعثر لك على البلازما، وفي وقتها الله يعلم بماعانيته كي أوفرها لك، لكنها لم تصلك، الموت كان أسرع منا.

علق هنا