الولايات المتحدة ليست مؤسسة خيرية .. والعراق ليس بلداً فقيراً يستجدي العطف من أحد !

بغداد- العراق اليوم:

نزار حيدر

ينبغي أَن نضعَ في الحُسبان الحقائق التَّاليةِ؛

   أ/ الولايات المُتَّحدة ليست مؤَسَّسة خيريَّة، كما أَنَّ العراق ليسَ بلداً فقيراً يستجدي العطف.

   ب/ للعراقِ مصالحَ كثيرةً معها، كما أنَّ للأَخيرةِ مصالحَ كثيرةٍ في العراق، ولذلكَ ينبغي أَن يبذل المُفاوض العراقي كامل جهدهِ لحمايةِ مصالحهِ بعيداً عن التأثيرات السلبيَّة بكلِّ أَشكالِها.

   ج/ الولايات المُتَّحدة هي العالَم، فهي تؤَثِّر بشَكلٍ واسعٍ على السِّياسات الدوليَّة والإِقليميَّة مُجتمعةً أَو مُنفردةً، كما أَنَّها تؤَثِّر، إِن لم أَقُل تُسيطر، على كلِّ المؤَسَّسات والهيئات الدوليَّة.

   إِنَّ على المُفاوض العراقي أَن يضعَ هذهِ الحقيقة في حساباتهِ، فهي توسِّع من أُفقهِ ورُؤيتهِ وتزيدُ من خياراتهِ بشَكلٍ أَفضل من أَجلِ مساحةٍ أَوسع من المُناورة والمُقايضة وما إِلى ذلكَ.

   د/ لا ينبغي السَّعي دائماً لتحقيقِ الأَهداف المرجوَّة من المُفاوضات بشَكلٍ مُباشر وبأَقصر الطُّرُق، فقد يحتاج المُفاوض أَحياناً إِلى أَن يتنازلَ عن شيءٍ من أَجلِ أَشياءَ أَهم، أَو قد يضطرَّ لتأَجيلِ أُمورٍ تفاوُضيَّةٍ من أَجلِ أُخرى أَهم، أَو يُضحِّي بقضايا آنيَّة من أَجل أُخرى إِستراتيجيَّة وهكذا.    

   ٩/ يلزم من الآن خلق رأي عامٍّ لصالحِ المُفاوضات [أَهميَّتها، ضروراتها، المصالح التي سيجنيها العراق] فالرَّأي العام المُتنوِّر والعارف بالأُمور والواعي لمصالحهِ أَحد أَهم أَسباب حماية أَيَّة مُفاوضات دائِماً، أَمَّا الرَّأي العام الجاهل فهو أَحد أَسباب فشل المُفاوض في حمايةِ المصالحِ القوميَّةِ العُليا، لأَنَّ الرَّأي العام الجاهِل يتأَثَّر بالدِّعايات المُغرضة المُستندة على الأَكاذيبِ بسُرعةٍ البرق.

   ١٠/ المُفاوضات المُرتقبة يجب أَن تكونَ حصراً بين بغداد وواشنطن، فلا يجوزُ بالمُطلق أَن يتشكَّل أَكثر من وفدٍ للتَّفاوض، ولشدَّ ما أَثار استغرابي سكوت بغداد على تصريحِ سفير الولايات المُتَّحدة في بغداد خلال زيارتهِ الأَخيرة إِلى أَربيل ولقائهِ رئيس الإِقليم عندما قالَ؛ إِنَّ واشنطن ستتفاوض مع الإِقليم إِلى جانب مفاوضاتها معَ بغداد!.

   لم نسمع استنكاراً من بغداد لهذا التَّصريح، وهو يعني أنَّ واشنطن عازمةً على تشتيت المُفاوضات بين أَكثر من وفدٍ مُفاوض لإِضعافِ الموقفِ العراقي، وقد نسمع منها تصريحاً آخر تُشيرُ فيهِ إِلى عزمِها على التَّفاوض مع وفدٍ سُنِّيِّ إِلى جانب مُفاوضاتها مع بغداد.

   هذا أَمرٌ يدمِّر المُفاوضات ويُضعف موقف المُفاوض ويُضيِّع عليهِ الفُرص، ينبغي على بغداد رفضهُ بالمُطلق.

   إِنَّ مُشاركة كلَّ المُكوِّنات في المُفاوضات أَمرٌ ضَروري ولكن ليسَ من خلالِ وفودٍ خاصَّةٍ وإنَّما من خلالِ مُؤَسَّساتِ الدَّولةِ والمُشاركة بنفسِ الوفد الإِتِّحادي، ومن خلالِ اللِّجانِ المُختصَّة.

   هل تسمح الوِلايات المُتَّحدة لأَيَّة ولاية من ولاياتِها الخمسين أَن تشتركَ في مفاوضاتٍ إِستراتيجيَّةٍ مع أَيَّة دولة في العالَم إِلى جانبِ وفدِ واشنطن؟! فلماذا تسمح لنفسها أَن تتعاملَ بهذهِ الطَّريقةِ مَعَ العراق؟!.

   ١١/ لَو كانَ الديمقراطيُّون جادُّون في تمريرِ التَّشريعات الضَّروريَّة للحدِّ من غلواءِ العُنصريَّةِ في الولاياتِ المتَّحدة فلماذا لم يُبادرُوا إِلى ذلك فترة رئاسة الرَّئيس باراك أُوباما على وجهِ التَّحديد؟!.

   ١٠ حُزيران ٢٠٢٠

علق هنا