لماذا بكى الرئيس الكاظمي صبيحة يوم العيد في مدينة الطب، ولماذا مشى مع الطفلة يداً بيد في طرق الداقوق بكركوك؟

بغداد- العراق اليوم:

كان لافتاً في صباح العيد الماضي زيارة الرئيس الكاظمي لمدينة الطب في بغداد، واطلاعه على أوضاع الراقدين هناك، وكان الرئيس يقترب كثيرا من المرضى ومرافقيهم، ويطمئن على أوضاعهم الصحية، إلا أن الأكثر الفاتاً للنظر هو ما حدث في ردهة الأطفال المصابين بالسرطان، حيث لاحظ من تابع الزيارة لهذا القسم تاثراً واضحاً للكاظمي، بل وحنواً منه على هولاء الأطفال المصابين واقتراباً غير مسبوق منهم، وصل حد ان يذرف الدمع تأثراً ووجعاً وتعاطفاً معهم، حتى بدا وكان الكاظمي يتحدث مع أحد اطفاله وليس مع غيره، وحين كان يداعب الأطفال المرضى مشجعاً اياهم بتجاوز محنة السرطان اللعين، كانت قسمات وجهه ونبرة صوته تحمل أسى ولوعة اب حاني، الأمر الذي أثار التساؤلات عن هذا الفعل غير المسبوق، وحين يعرف السبب يبطل العجب كما يقال، فالرجل مكلوم بولده الصغير الراحل (علي)، الذي قضى بهذا المرض الفتاك. لذا فقد كانت جولته الرقيقة والأبوية هذه متأتية أولاً ضمن رعايته واقترابه من شريحة فقيرة تعاني اوضاعاً صعبة، ووقفة رحيمة مع قلوب كسيرة لأمهات لا يجدن سلوى لوجعهن غير مؤازرة وشد عزم، كما فعل معهن رئيس الوزراء حين قال لهن انكن قويات وصابرات. لقد وضع الكاظمي إصبعه على جرح ندي، وشخًص هماً يغتال الفرحة في البيوت فجأة، في بلد يعد الموت فيه بداء السرطان مرتفعاً، وتبدو الإصابات فيه قياسية مقارنة بالدول المجاورة.

الكاظمي مناضل في سبيل حقوق الإنسان كما تقول سيرته، ومدافع شرس عن حقه في الحياة؛ وهذا ليس جديداً على الرجل، بل إنه يساهم عبر كتاباته وأبحاثه ومقالاته في تسليط الضوء على اهم المعضلات التي يعيشها انسان هذا العصر، لذا فإن تبرعه  بجائزة الأمم المتحدة البالغة ١٥ الف دولار امريكي عن مقالته في حقوق الإنسان، لمرضى السرطان وخصوصاً الأطفال في وقت كان هو بحاجة ماسة لهذا المبلغ، تعبير جازم عن تعاطفه، وإنحيازه للطفولة، وجزء مهم من نهجه الثابت في تخفيف أوجاع الانسان، وحربه ضد الموت والفناء الذي تسببه سياسات خاطئة ومجنونة. ان زيارة الكاظمي لهذا الجناح، ولقائه بهذه الشريحة المظلومة، يأتي في سياق تعهد شخصي منه لشن حرب ضروس ضد هذا المرض الفتاك، الذي خطف ولده الوحيد من بين يديه، وسيكون وجوده في رئاسة الحكومة فاعلاً في تقديم العلاجات والدعم والرعاية المناسبة للأطفال المصابين بهذا المرض.

هل عرفتم لماذا بكى الكاظمي صبيحة العيد، ولماذا قفز قلبه امامه مستقبلاً الطفلة التي هرولت نحوه اليوم في الداقوق بكركوك؟

أعتقد، بل أجزم، ان قلباً مثل هذا القلب النازف ألماً ووجعاً وعاطفة، لن يظلم عنده إنسان .. أي إنسان !

علق هنا