قناة الحرة والكيل بمكيالين .. في بغداد متظاهرون أحرار .. وفي لوس انجلوس مخربون !!

بغداد- العراق اليوم:

يبدو أن الاعلام الحر، والمرآة التي تنقل الحقائق كما هي، مجرد شعارات ليس الا، وحينما تصطدم الحقيقة بالواقع، تكون ضحيته بلا ادنى مجاملة، فالحقيقة التي يتبجح بها القائمون على وسائل الاعلام الممولة عادةً من الدول الكبرى، هي تعبير عن إرادتهم وإيدلوجيتهم الضيقة، والإ من يشاهد تغطية قناة الحرة الأمريكية، للتظاهرات في العراق، والحماس المنقطع النظير الذي ابدته، سيشعر أن هذه القناة بؤرة اشعاع حضاري ديمقراطي، وأنها ساحة للتباري الديمقراطي، وغرس روح المشاركة والحقوق السياسية، وسيظن أنه أمام اعلام ليبرالي متحرر، وأن لا قيود عليه، ولا انحيازات، وكانت الحرة في تغطيتها الاعلامية مستمرة في تمجيد ما يحدث في الساحات كافة، وتعد ذلك ثورةً للتحرر والخلاص من الفساد والقمع والاضطهاد والطائفية!.

هذه القناة التي تم تسريح كادرها القديم برمتهِ، وأتي بكادر أخر يوالي ادارة ترامب الجمهورية المتشددة، نفسها، انقلبت الآن في تغطيتها لما يجري من تظاهرات واحتجاجات امريكية، فجرها حادث عنصري اودى بحياة مواطن أمريكي، فهذه القناة التي كانت تصور احراق مراكز الأمن في العراق، ومهاجمة مقار ودور مسؤولي الدولة، واحراق المقار الحزبية وحتى الاعلامية، وعمليات التخريب واسعة النطاق، والتي قام بها نفر محسوب على اجندة معينة، بأنه أعمال ثورية وبطولية، وتفرد مساحات بث طويلة، وتغطيات ميدانية في تأجيج مشاعر الكراهية والعنف ضد القوات الأمنية، هي نفسها اليوم تعكس التغطية، وتظهر أن المحتجين الامريكيين يميلون للعنف، وأن الشرطة ومؤسسات الدولة الأمريكية ضحية لعنف غير مسبوق.

نحن لسنا ضد التظاهرات والإحتجاجات في العراق، بالعكس، فنحن معها قلباً وقالباً، لكن المشكلة ان التغطية التي تحاول الحرة اليوم تصديرها للعالم العربي الذي تخاطبه، مغايرة عما كانت عليه قبل اسابيع في الشأن العراقي، حيث بدأت القناة بحجب اجزاء من الحقيقة عن المتابع، وتحاول تنميط العنف واعمال الاحتجاجات هناك على أنه سلوك عدواني غير متحضر يقوم به نفر في المجتمع الامريكي، وتحاول تبرئة الإدارات الأمريكية التي لم تحسن ادارة ملف الأمن بشكل واضح، ويذهب ضحية العنف العنصري عشرات بل مئات الضحايا سنوياً.

أن الازدواجية في الإعلام العربي ليست حالة غريبة، وقد ألف الشارع العراقي مثل الانحياز والكيل بمكيالين في قنوات عربية عريقة وكبيرة، لكن المحزن أن تنظم قناة مثل الحرة التي كانت الى الأمس القريب منبراً اعلامياً مهماً في تعزيز الديمقراطية والتعايش، الى هذا الجوق، ولتكمل مشهد اعلام منحاز، يعمل بعداء ايدلوجي، واسقاطات واضحة، وبذا تنهار اخر التجارب التي كانت تستفيد منها التجربة العراقية في النقد البناء، والحوار الموضوعي.

علق هنا