" تفاحة سقراط" تسقط فجأة من يد محمد علوان لتكتب نهاية لـ " ذاكرة ارانجا" وبينهما "شرق بعيد"

بغداد- العراق اليوم:

من اليسار السياسي، الى حقول الإبداع، متنقلًا بين القصة القصيرةِ، والرواية، ظل محمد علوان جبر، أبن مدينة الثورة المعطاء، يغرسُ في حدائق المعرفة من روحه الثرة الكثير من الأمنيات التي بقيت وئيدة الاضطراب السياسي والمعرفي والاجتماعي، لكنه لم يكن مستسلماً ابداً، كما فعل هذا المساء، حين غادر الفضاء والكون والحياة، ولم يجد من يجيب عن سؤاله "لماذا تكرهين ريماك"، هذه الرواية التي اثارت الكثير من النقاش والجدل، ربما لموضوعاتها التي تناولتها، ولربما لأن علوان كان يشتغل في حقل الرواية بتقنية القاص، حيث العوالم صغيرة غير ممتدة وغير مفتوحة لفضاءات لا منتهية، فكانت اللقطات قريبة من الواقع، صادقة لدرجة الإدهاش.

هكذا يترجل اليوم، صاحب مجاميع "تماثيل تمضي.. تماثيل تعود" و " تفاحة سقراط " وشرق بعيد" و " تراتيل العكاز الأخير" القصصية، المندفعِ في عالم الرواية بعوالمها الأكثر حضوراً في روح الأدب الحديث، والأكثر اقتراباً من مساحات لربما ضاقت بها مساحة القصة القصيرة عن البوح، ليلتقط علوان فضاءً اخر، طارحاً، سلسلة هائلة من الأسئلة الوجودية تارةً، والجدل المفضي الى تفكيك عوالم متداخلة، مقترباً من الهم الاجتماعي بشكل واضح، انطلاقاً من خلفيته الثقافية ذات العمق اليساري، حتى وأن غادر عوالم السياسة، لكنها بقيت تظهر في اعماله وكتاباته المتواصلة.

من يعرف محمد علوان جبر عن قرب، سيعرف أن كتلة من النشاط الثقافي والأدبي كانت تتحرك منذ بواكير شبابه، وتشكل وعيه الثقافي، وسيعرف أن الرجل من المؤسسين للرابطة الثقافية في مدينة الثورة التي تخرج منها ادباء ومفكرون وفنانون كبار، اثروا الحركة الثقافية والأدبية والفنية بالشيء الكثير.

برحيله المفاجئ سيكون صاحب " ذاكرة ارانجا" قد طوى صفحة مهمة من صفحات العمل الإبداعي، وقد ترك اسمه محفوراً في الذاكرة الأدبية العراقية، وسيكون لهذا الرحيل الفاجع وقع مؤلم على كل الأوساط التي عرفته مواظباً على دعم الأدباء الشباب والطامحين لتحقيق ذواتهم ابداعياً ومعرفياً.

جدير بالذكر، أن الراحل ايضاً كان نشطاً جداً في ميدان النقد الثقافي والأدبي، وحتى السينمائي، بل ونَظًر في هذا الميدان عبر مقالات ومؤلفات اضافها للمكتبة الثقافية العراقية.

(العراق اليوم)، يعزي الأوساط الثقافية والأدبية العراقية بهذا الرحيل المفاجئ، لا سيما أصحابه وزملائه في رابطة مبدعي مدينة الثورة. الرحمة والذكر الطيب للفقيد، ولذويه ومحبيه واصدقائه الصبر والسلوان.

علق هنا