الحطاب يكتب للرئيس الكاظمي: إهتمامك بإخوانك المحاصرين في سوريا - وأنت في التكليف - يؤكد أن دمك عراقي وجيناتك إنسانية بحتة

خاص بالعراق اليوم - بغداد

جواد الحطاب

" غرفة عمليات " غير حربية، بين

بغداد ودمشق

      ( وقائع المِحْنَة مع الشاعر وليد حسين )


 

كما في الروايات، او الأفلام المشوّقة، قضيت الشهر الماضي، تقريبا، والى اليوم في مخاطبات هاتفية، ورسائل، عبر كل ما وفرته اجهزة الاتصالات الحديثة ( فايبر- واتساب- انستغرام – ماسنجر- فيسبوك) من أجل مسعى لأهلنا العراقيين المحاصرين في سوريا، والذين تقطعت بهم سبل العودة بعد ان أُغلقت الحدود، وتفشّى الحظر مع تفشّي جانح كورونا.



وكانت البداية كما بدايات الترقّب وإنتظار القادم ..

1

في إحدى الأماسي أشّر الموبايل الى وجود مكالمة خارجية عبر الواتساب، وحين أجبت، كان معي على الطرف الآخر شاعر عراقي معروف، وبعد المعتاد من السلام والاحوال،عرفت انه في دمشق، وهو وعراقيون كثيرون في حيرة، فقد اغلقت الحدود برا وجوا، (وليس من بحر بين سوريا والعراق)، ولديه، ولدى الكثير من عراقيّ دمشق ارتباطات وظيفية، وعائلية..

فبعضهم جاء للعلاج، وبعضهم أجرى عمليات جراحية، وبعضهم لزيارة السيدة زينب ع .

ولابدّ من العودة، لأن المبالغ التي جاءؤا بها "قدّروها تقديرا"، وليس من فائض يعينهم على الشام.

 ولأنّ صديقي المتصل شاعر، صحفي، وأديب، وشخصية معروفة في وسطه، فقد التجأ اليه من عرفوه، عسى ان ينجدهم بحلّ أو يستعين بمعارفه على ذلك..

قال عبر الهاتف : وعدتهم خيرا يابو الجود.. حتى اذا اختليت بنفسي ، فكّرت بمن يمكن ان أتصل، وكان أسمك أول اسم تبادر لذهني، وها أنا أضعك بالصورة !!.



من ذاك المساء..

وتحديدا من تاريخ 20/ 3/ 2020 وحتى يوم 22 / 4 / 2020، أدخلني هذا الصديق "غرفة عمليات " وقائع أحداثها تصلح لتكون رواية..

 ولم أكن وحدي في هذه الغرفة، فلأكثر من شهر، والاتصالات - شبه يومية - تقوم على أمل، وتقعد على مجهول..

ولم أكن وحدي ..

ذوات موقرون تردّدوا على الغرفة، وشاركوني خططها للنفاذ من المحنة.



1-     رئيس "خلية الأزمة" الوطنية، نائب رئيس البرلمان العراقي، الأستاذ حسن الكعبي .

2-     النائب، سيّد وجيه عباس

3-     المتحدث باسم الخارجية العراقية، الدكتور احمد الصحاف

4-     السفيرة العراقية في سوريا

5-     صحفيون، ونواب سابقون، وأصحاب نقليات ..

فضلا عن الشاعر، المتحدث السابق باسم وزارة التربية، الأستاذ " وليد حسين ".

لأكثر من شهر والتفاصيل تترى، وكلما تقدّمنا خطوة الى الأمام، ثمّة من يصيح بنا : خطوتان للوراء .

وبين الخطوات كلها، هناك توق الى الأهل والعراق ..

2



خوفا من فعل غير محسوب،

كان لابد من الإستشارة، لأعرف من اين أبدأ، فنشرت خبرا عن المشكلة في أحد الكروبات الصحفية التي فيها الكثير من المسؤولين، من بينهم الصديق النائب وجيه عباس، والذي غالبا ما أمون عليه في مسائل تحتاج الى رأي رسمي، أو مسعى إنساني، لم أره يوما قد قصّر فيه على الإطلاق.



وإحتياطا ..

 وضعت تحت يدي معلومة كتبها لي، على الخاص، الصحفي المثابر " أمين ناصر" أشار فيها الى أن هناك "خلية أزمة" لهذا الأمر يقودها "حسن الكعبي " نائب رئاسة مجلس النواب.

.

ومع ذلك كان لابدّ من وجيه.



ع –

( رسالة الى وجيه عباس)

عرضت له فيها ما نقله وليد حسين، وماذا يمكن ان نفعل لهؤلاء العراقيين المحاصرين.. وبعد تبادل وجهات نظر، ونقاشات، إقترح ان يرفع المحاصرون " عريضة " لوزير النقل يشرحون فيها معاناتهم ويطلبون منه حلا عاجلا لمشكلتهم عن طريق الخطوط الجوية العرااقية..

 وهو " وجيه " من سيوصلها لـ"معاليه" !!

.

ابلغت صديقي الشاعر المحاصر في دمشق الذي أصبحت انا هذه المرّة من يضعه بالصورة اولا بأول، بالمطلوب..

 فكتب "العريضة" وفيها رقم جوّاله في حالة الحاجة الى التنسيق معه ، وحين حوّلتها الى النائب الوجيه، وعد بإرسالها الى الوزير، ثم ينقل الينا ردّه  الذي جاء فيما بعد .

.

ونصّه : ان الخطوط الجوية العراقية بكافة كوادرها بخدمة المسافرين العراقيين، غير ان قرار حظر الطيران بتوجيه من رئاسة الوزراء..!!

 ( الوثيقة رقم 1 ردّ الوزير)

( الوثيقة رقم 2 العريضة )

.

.

راء

إذن .. باب وقد أغلق ..

لكن امام القلق الذي يأكل النفوس كما تأكل غربتهم المدخرات، لاسيما وان الأسعار بدأت تتصاعد، والخدمات تقلّ.. والرجاء الملحّ ليس من "وليد حسين" وانما من الناس الذين حمل همّهم وليد، كان لابدّ من البحث عن مخارج أخرى عسى ولعلّ !!

وكان المخرج الأقرب للمشكلة، هي سفارة العراق في دمشق، التي زوّدني بجوالاتها السيد النائب وجيه عباس، فأرسلت رسالة الى المتحدّث باسم الخارجية العراقية، الدكتور أحمد الصحاف :

قلت له فيها ( مواطنون عراقيون قد حوصروا في دمشق ومدخراتهم على وشك النفاد، ودمشق باردة بشكل لا يصدق، راجيا عنايتكم..

 ليجيبني برد مقتضب لكنه واف :

نحن نتابع ذلك باهتمام .

باذن الله)

.

وثيقة ( رقم 3)

.

ألف ..

.

" تغريبة بني عراق" متواصلة في الشآم، والمحاصرون في الساعات القليلة التي يرفع فيها الحظر، يذهبون الى حي " السيدة زينب"، فهناك جمهرة كبيرة من اخوانهم، وهناك شركات النقل، وبعض هذه الشركات أبدت استعدادها لنقلهم شريطة ان تعطيهم السفارة كتابا رسميا ، وموافقات أمنية، وتكون مهمتهم منحصرة بإيصالهم الى الحدود فقط، لأن الطريق البريّ الى بغداد ليس آمنا.

 وفضلا عن هاذي الإشتراطات، فان سعر المقعد الواحد الذي طرحته هذه الشركات يفوق سعر مقعد الطائرة..

هكذا قال الشاعر الذي أصبح "متحدّثا" باسم المحاصرين !!

.

(صورته تتوسط المتظاهرين امام الفضائيات)

.

هي " أزّمة " وهناك " خلّية" لها، وبعض رسائلنا حوّلها النائب وجيه الى "ابو أحمد" الرئيس، فلم لا أذهب الى أبي أحمد مباشرة، فكتبت الى نائب رئيس مجلس النواب العراقي ، الأستاذ حسن الكعبي، رئيس خلية الأزمة رسالة واتساب على الخاص، ناشدته هو وبقية اعضاء الخليّة ..

:

(..العراقيون المحاصرون في سوريا ينتظرون النجدة من ذواتكم الموقرة، وغالبيتهم من المرضى، ومن الطلبة، ولدى سفيرة العراق قوائم باسمائهم.

فهل من إجراء، بعد ان بَدَأت وفيات الكورونا تتزايد في الشام ..

بانتظار إجراءاتكم

 تقبلوا تقدير جواد الحطاب ).

.

ولأهمية ردّه وتاريخيته، أثبتّه حرفيا :

:

( وعليكم السلام أخي جواد المحترم

من أسبوع ونحن نعمل من أجل إجلاء العراقيين العالقين في كل دول العالم، وبالنظر لوجود إجراءات تخصّ بعض الدول، تم وضع جدول بالتنسيق مع سفاراتنا، وتم بحمد الله عودة العراقيين من الهند وروسيا ومصر..

اليوم تكلمت مع قائد القوة الجوية، وقال اذا عجزت الخطوط الجوية، أنا مستعد أرسل طائرة عسكرية لدمشق.)

وثيقة ( رقم 4 )

.

كل هذه امنيات، وناسنا في دمشق بدأوا يفقدون الأمل، فالايام تجري، ورمضان بات على الأبواب، وكانت المشكلة الأصعب انهم لا يعرفون متى تتحرك سفارتنا بعد ان سجلوا اسماءهم وارقام هواتفهم لديها، لتخبرهم بمواعيد السفر، وخوفا من التخلّف عنها، لم يجرؤ احد منهم على مغادرة محيط السفارة، والتوجّه – مثلا- لمنازل اصدقاء او فنادق ارخص بسبب بعدها..

كان وضعا مأساويّا ومشكلة معقّدة.

.

. يوم 21/ 4/ 2020

وفي تسجيل صوتي أرسل لي من دمشق، قال المتحدث فيه بان هناك منافسة لنقل المحاصرين العراقيين في الشام، بين شركة فلاي بغداد، التي يقال انها تتبع لأحد الشخصيات المؤثرة في المشهد العراقي، وبين شركة " اجنحة الشام " السورية، وان سلطة الطيران المدني التابعة لرئاسة الوزراء، قد خاطبت مؤسسة الطيران المدني السوري، بتوكيل شركة "فلاي بغداد" لإجلاء المواطنين العراقيين العالقين في دمشق .

والموجع (بحسب الرسالة الصوتية) ان شركة فلاي بغداد تحسب  اجرة الكرسي الواحد 370 دولارا، في حين ان الأجرة في "اجنحة الشام" بـ200 دولار !!

 والمحاصرون بعضهم عوائل من 5 أو 6 أفراد، فكم يجب ان يدفع ربّ العائلة، لاسيما وان التحويل عبر شركات الصيرفة من بغداد الى سوريا، تتسلّمه في سوريا بالـ"الليرة" وحسب تسعيرة البنك الوطني السوري !!

ما يعني ان ال100  دولار تصبح بحدود ال50 دولارا، أكثر أو أقل لا أعرف، فكم سيحتاج "هذا الربّ" لدفع تكاليف عودة عائلته؟!!!

.

كان المتحدّث في التسجيل الصوتي يستنجد لايجاد حلّ، وفي الوقت نفسه وصلني كتاب من "سلطة الطيران المدني" يخاطب الجانب السوري ويخبره بمهمة " فلاي بغداد" القادمة.

وما كان بيدي من حلّ سوى الكتابة التي لا نملك غيرها من أسلحة الدفاع عن ناسنا...

فسلطة الطيران المدني تتبع رئاسة الوزراء، وعليه يجب ان نطرق هذا الباب، ونشرك فيه " رئيس الجمهورية" باعتباره راع  وهولاء رعيته، وان كان غالبية الرعاة الذين عاشرناهم، كانوا من أصدقاء الذئاب الخلّص.

( وثيقة رقم 5 )

.

ولذلك لابدّ مما ليس منه بدّ، فكتبت خطابا يوم 21 بهذا الشهر، والذي جاء بما يشبه الردّ عليه ، في يوم 22 بشكل غير مباشر، وعبر " ايضاح" سأنقله هنا، لأنّ تفاصيله تتنقّل من "فلاي بغداد"، الى " أجنحة الشام " الى " الأسعار" والمحاصرين، بان يقول وبما لا يقبل الشك بأنه كان ردّا على خطابي الذي تناقلته المواقع والكروبات، والإيضاح يحسب لسلطة الطيران المدني لسرعة تعاملها مع المتداول

وأنا هنا أتقدّم بشكري الجزيل له لسرعة الايضاح والتحرك، راجيا ان يتم الإجلاء العراقي على خير وسلامة.

.

قاف

.

خطابي الى الرئاسات

:

•    الرئيس برهم صالح

•    رئيس الوزراء المستقبل، والمكلّف

•    رئاسة البرلمان العراقي

.

عشرات العوائل العراقية، مرضى . ومستطرقون . وقادمون للسياحة وزيارة السيدة زينب ع.

أحاط بهم "جانح" كورونا، فكسر "اجنحة" حلمهم بالعودة..

المرضى . والذين اجروا عمليات في العيون، وفي المرارة، وفي مشاكل العظام، نفدت نقودهم لاسيما وانهم حوصروا منذ أكثر من شهر، وفي أرض غريبة والتحويل بالدولار يعطى لك بالليرة السورية وحسب ما محدّد في البنك الوطني.

.

اليوم تداولت المواقع الالكترونية كتابا من سلطة الطيران المدني التابع لرئاسة الوزراء موجّه الى الجهات السورية للموافقة على ترحيل العراقيين عبر شركة طيران " فلاي بغداد " وسعر تذكرة الفرد الواحد في هذه الشركة 370 دولار !!.

فلنتصور اذا كانت هناك عائلة من 5 نفرات من اين تأتي بالمبلغ، وكم عليها ان تدفع ؟

 هناك شركة اجنحة الشام للطيران والتي تتقاضى عن كل نفر 200 دولار، لديها الاستعداد لنقل المحاصرين الى بغداد، لكن هناك مستفيد يريد ان يمشّي صفقة طيران فلاي بغداد ..

فهل من إجراء مستعجل . ؟!!

 احتراماتي

الردّ  الذي تحدثت عنه انه جاء في اليوم التالي بتاريخ 22، وعبر " إيضاح " كان من " سلطة الطيران المدني" وهذي تفاصيله ..

.......

إيضاح

.......

( تود سلطة الطيران المدني العراقي أن توضح للرأي العام وخصوصاً مواطنينا العالقين في دول العالم لا سيما سوريا بأنها تبذل جهود ومساع كبيرة مع الجهات المعنية من أجل عودتهم إلى العراق بالسرعة الممكنة، واستناداً إلى قرارات وتوصيات اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية ، حيث تم مخاطبة شركتي " أجنحة الشام، وفلاي بغداد" لمعرفة أسعار التذاكر للمسافرين، لاختيار السعر الأقل مراعاة لظروف المواطنين، وتم اختيار شركة " فلاي بغداد" كون سعر التذكرة للمسافر الواحد تبلغ 175 دولار، ولأن الأولوية للنواقل الوطنية فقد أوكلت مهمة اجلاء العراقيين العالقين في دمشق إلى شركة " فلاي بغداد" التي تحمل شهادة AOC الرقم 007، وسيتم المباشرة بذلك بعد استحصال الموافقات الاصولية من قبل سلطة الطيران المدني السوري..

.

وتعرب سلطة الطيران المدني العراقي عن شكرها لتعاون شركة " فلاي بغداد" معها لاجلاء العراقيين العالقين هناك، لاسيما نقل عدد من المسافرين ذوي الدخل المحدود مجانا ).

 سلطة الطيران المدني العراقي/ 22- نيسان -2020

.

وسأؤجّل نقاش الفقرة الأخيرة في ايضاح سلطة الطيران المدني

والخاص بـ( نقل عدد من المسافرين ذوي الدخل المحدود.. مجانا) لأن ذلك لن يحدث، ولدى سفيرة العراق في دمشق الأسباب، وعلى سلطة الطيران التأكّد من ذلك.

.

ختاما ..

في الوقت الذي أشكر فيه كل السادة الذين وردت اسماؤهم في فريق " غرفة العمليات " .

.

مثلما أشكر فريق عمل السيد الكاظمي الذي وصلني انه كان مهتما جدا بالموضوع، على الرغم من ان الرجل لم يستلم مهامه بعد، لكنه الإحساس بالأهل، الذي نتمناه ان يتصعاد، ويصبح مسلك حكم.

.

والشكر موصول لموقع " العراق اليوم" الذي أبرز رسالتي للرئاسات بشكل واضح ولافت، والصديق الشاعر الكبير فالح حسون الدراجي، لدور بعيد عن الأضواء ربما أتحدّث عنه لاحقا، وفي منشور قادم.

( وثيقة رقم 6 )

وسأبقى بانتظار صديقي الأديب المبدع وليد حسين في بغداد ان شاء الله، بعد أن حمل صوت وهموم أهله المحاصرين في دمشق.

علق هنا